تقرير :: ربيعة حباس
مماني.. طفلة أفريقية من ساحل العاج ، جازف أهلها بحياتهم وحياتها و ركبوا أمواج المغامرة مجهولة النتيجة ، مستخدمين قوارب بدائية ، على أمل الوصول بها إلى الشاطئ يكاد يكون مستحيلا وضربا من الجنون ، فغضب البحر وقسوة أمواجه لا تعرف الرفق بضعيف أو صغير.
1 يناير 2017 كان موعد دخول مماني ذات 7 سنوات من العمر إلى مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين بطريق السكة التابع لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية فرع طرابلس ، ذلك المركز دخلته وحيدة بدون أب ولا أم ولا إخوة و لا أخوات .
لم تكن الطفلة السمراء تعرف أحدا و لا تعلم شيئا ، عدا اللعب والمرح والركض هنا وهناك ، كان الحزن لا يقترب منها إلا عندما تجد صديقتها كوين مع أمها
داخل مركز الإيواء بطريق السكة ، تحول كل العاملين فيه إلى إخوة و أصدقاء لمماني ، التي كانت تتفاعل معهم بكل براءة وعفوية الطفولة .
ولعل أقرب الذين كانت مماني في تواصل طفولي معها هي السيدة( خدوجة) الممرضة في هذا المركز والتي كانت تحتويها و ترعاها احتواء ورعاية الأم لطفلتها المدللة .
منذ لحظة دخولها مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين حرصت السيدة خدوجة على توفيركل سبل الرفاهية لمماني ، لم تبخل عليها بشيء من ملابس وأكل وألعاب
وليس هذا فقط بل إن عاطفة الأمومة كانت هي المحرك للسيدة خدوجة التي نقلتها معها إلى بيت أسرتها ، لتكون وسط أطفالها وحرصت على تزويد مماني بكل التطعيمات التي كانت محرومة منها في بلادها ساحل العاج ، و سارعت لتسجيلها في المدرسة ، حتى تتمكن من تلقي الدروس و التعلم كغيرها من الأطفال ، وهي مزودة بما يلزمها من زي و أدوات مدرسية .
موقف السيدة خدوجة وإنسانيتها ، كان دافعا لكثيرين سارعوا للمشاركة فيما تفعله من خير فشاركوها تطوعا بتوفير أجمل الملابس والأحذية كتلك التي ترتديها أطفال السيدة خدوجة .
تقول السيدة خدوجة ..مماني طفلة بريئة لا ذنب لها في كل ما يحدث ، هي لاتفقه معنى كلمة هجرة شرعية أو غير شرعية ، كل ما تفقهه وتعرفه و تريده اللعب والأكل والنوم كغيرها من أطفالنا .
وتضيف السيدة خدوجة ، عندما أحضروها إلى مركز الإيواء و رأيتها شعرت بعاطفة الأم خاصة عندما علمت أنها وحيدة ، كان موقفا صعبا طفلة في عمر 7 سنوات و لا أحد معها من عائلتها ، قررت حينها أخذها معي إلى بيتي لتكون وسط أطفالي لعلي أتمكن من تخفيف جزء من معاناة قد ترافقها في حياتها .
دخولها لبيتي أدخل معه الكثير من الأمور الإيجابية ، ذهبنا إلى البحر وفي كل المناسبات الاجتماعية كنت أحرص على وجودها معي ، أحببتها و تعلقت بها كل أسرتي ، مثلما تعلقت هي بنا و لم تكن تحتمل أن تراني (زعلانة) .
يوم 23/11/2017 تقرر تسليم الطفلة مماني إلى سفارة بلادها (ساحل العاج)
والعودة بها إلى بلادها وتم تسليمها إلى أبيها ، الذي قال إن مماني و أمها خرجتا من بلادهما واتجهتا إلى ليبيا قاصدتان بعد ذلك الهجرة إلى إيطاليا ، ولكن الأم ماتت غرقا في البحر ، وتمكن خفر السواحل الليبي من إنقاذ الطفلة مماني . .
أخيرا ..هذه الحادثة الواقعية تؤكد أن في ليبيا يكرم الإنسان ، وما تكتبه بعض المنظمات الدولية لا يعتبر حكما مطلقا يمكن الاعتماد عليه في وصف الشعب الليبي بالقسوة واللإنسانية ، وما وجدته مماني من اهتمام و رعاية خير رسالة صادقة عن حقيقة ليبيا حتى وإن كان يعتبرها المهاجرون غير الشرعيين بلد عبور