- أ / فريدة الحجاجي
ولِدَ في طرابلس يوم الاحد 27 سبتمبر من عام 1953
وفيها كان يمارس شغفه المبكر بكرة القدم لاهثاً وراء كرة مهترئة مع “صغار الجيران” من ليبيين وايطاليين غير آبه بتراب أزقتها الملتهب الذي لسع أقدامه الصغيرة الحافية في (القايلة) مـراراً وتكـرارا ..
والداه كانا من جزيرة صقلية وقد عاشا منذ الصغر في طرابلس من ضمن العائلات الايطالية التي أحضرها المستعمر الفاشستي لاقامة العمران والتشييد في مستعمرته الجديدة ، ولكنه في سن الثامنة وجد نفسه منزوعاً من مسقط رأسه ومضطراً الى مغادرته عندما قررت اسرته فجأة العودة الى ايطاليا ..
لم يكن عقله الصغير قادراً على فهم الاسباب التي أدت الى إبعاده عن بيته واصدقائه ومكان ذكريات طفولته .. كما لم يتمكن فيما بعد وهو شاب من استيعاب جدوى القرار الذي أصدره مجلس قيادة الثورة الليبي في بداية السبعينات والذي كان يمنع كل مَن ولد في ليبيا من الايطاليين ان تطأ اقدامه فيها مرة اخرى .. فهو لم يذهب اليها غازياً ولا اختار بنفسه مكان ولادته !
عاد الى موطن والديه حاملاً معه مرارة الفراق والبعاد ، ولكن ذلك لم ينسيه حبه للعبة الاكثر شعبية وانتشاراً في العالم ، فاقتحم عالمها وتدرج في الفرق الايطالية الى ان وصل الى فرق الدرجة الاولى حيث شارك في 353 مباراة واستطاع ان يكون جناح الدفاع في الفريق الاسطورة (اليوڤنتوس) والذي معه ربح ستة مرات كأس الدوري الايطالي ومرتين كأس ايطاليا ومرة بطل أبطال اوروبا ومرة كأس الاتحاد الاوروبي
انه نجم كرة القدم (كلاوديو جنتيلى) الذي لعب 71 مباراة مع المنتخب الايطالي وكانت أهمها تلك التي فازت فيها ايطاليا بكأس العالم ضد المانيا عام 1982 حيث خطف ابصار العالم بأدائه المبهر كدفاع وسط والذي وصفته الصحافة آنذاك بقولها : لقد تمكّن (جنتيلى) خلال التصفيات ان “يبطل” مفعول النجم الارجنتيني مارادونا الذي كان في العشرين من عمره وفي أوج تألقه !
وكان اسلوبه القاسي في مراقبة لاعبي الفريق الخصم اثناء المباريات سبباً في امتلاكه المركز الثامن في قائمة “أكثر 50 رجلاً خشونة في كرة القدم” التي نشرتها صحيفة التايمز عام 2007 ..
في عام 2002 وعلى الرغم من استمرار نفاذ قرار منع دخول الايطاليين المولودين في ليبيا اليها .. استطاع (جنتيلى) زيارة مسقط رأسه من جديد عندما قررت ليبيا استضافة المباراة على الكأس السوپر (Super Coppa) بين فريق پارما وفريق يوڤينتوس الذي كان هو من ضمن لاعبيه .
قرار المنع المذكور تمّ الغاؤه لاحقاً بالمادة (11) من معاهدة الصداقة والشراكة والتعاون بين الجماهيرية وايطاليا التي وقعها الرئيسان القذافي وبيرلسكوني في بنغازي سنة 2008
بعد اعتزاله اللعب اصبح مدرباً لمنتخب ايطاليا لكرة القدم لمَن هم دون الـ 21 من العمر والذي حاز على بطولة اوروبا لسنة 2004 .
ومن الطريف الذي يُقال عنه ان هناك ملامح في شخصيته تشير الى موروثه الليبي وهي لاتتمثل في شعره الاجعد فقط .. وانما حتى في غيرته المفرطة على زوجته التي تصغره بأعوام عدة بالاضافة الى تلك الخشونة الرياضية التي لازمته في جميع المباريات التي خاضها في حياته .. والتي يُقال انه اكتسبها عندما كان يلاحق كرة مهترئة حافياً في القايلة مع “صغار الجيران” في أزقـة طرابلس عروس البحر ،،