الخاطرة الفائزة بالترتيب الأول
بمسابقة بوح القلم
بمنبر الادب الليبي والعربي والعالمي
بتاريخ 23 اكتوبر 2017
بعنوان ” من التراب ”
بقلم :: بشير قطنش من مدينة هون
اليوم وأنا ألحظ أطفالي الصغار في ركن بالمزرعة يعجنون التراب ، يصنعون منه ما تجود به مخيلتهم من بيوت وأسوار ، يرسمون شوارع وأزقة أقواس وظلال ، مستعينين بما يتاح لهم من المحيط وتطاله أيديهم ، لممت شتات نفسي و شعث أفكاري وخيباتي المحطمة وركنت إلى زواية الظل فعدت إلى تلك الخوالي ، لأدرك أيام الطفولة والصبا وكيف كنّا نعجن التراب فعُجِنا بِنَا حُباً وتأصل قيمة وتشربته أفكارنا مبدأ وعقيدة ، نبت عشقا فأينع وأزهر ، تذكرت كيف كنا نرسم تفاصيل تلك الفاتنة بدقة وجمال وكيف أتنقل بين عبير أزهار جبلها ورمال شاطئها ، لن ابالغ إن قلت إني قطفت من نخلتها المنتصبة هناك وسط الخريطة ( بهون ) يومها تمرة لازال مذاقها يرافقني ، كنّا قديما نرسم أحلامنا منه فتنبت فيه وتصير واقعاً ماثلاً ، كانت صفحة الأرض دون هامش أفقها واسع ، كبرت معنا فكانت كعكّاز نتكئ عليه ورصيداً نعود إليه عند الحاجة ، تعلمنا من التراب أن ما ينفع الناس يمكث وأما الزبد فيذهب جُفاءً ، كان المدرسة الأولى ورفيق الدرب والحضن الأخير ، ترتسم تلك الخارطة أمامي ووجدتني أحاور من بها قائلا
هلا جلسنا
لتعريف الوطن
لتحسس كل التفاصيل
أ خيمة هُوّ
أو بيت كالعنكبوت وهن
أم أنه روح
تشربتها أجسادنا
حتى صار
في الفصل بيننا
يعني العدم
ما هو الوطن ؟؟؟
أ هو حفنة من تراب
أم نشيد نردده
و نحن وقوفاً كالاصنام
عند العلم
أم ما نتقاضاه من دراهم
حتى حلول الهرم
أم مجرد قبر يأوي
يضم أجسادنا
كيف نسينا
بأن أديم هذه الأرض
من السابقين
تراكمت من عظم
فصارت هضاب
و صارت قمم
هذا يا أخوتي معنى الوطن .
المشاهدات : 240