إلتقتها نيفين الهوني
تونس /خاص
في عالم السينما السعودية الحديثة حيث تتشكل الشخصيات من صلب الواقع وتتحرك بين ضوء الكاميرا وظلال المجتمع تبرز الفنانة السعودية خيرية نظمي أو كما يعرفها الجمهور بـ”ماما خوخة”، كرمز للتمكن الفني والقدرة على اختزال الحياة في نظرة عين فمن دورها في فيلم بركة يقابل بركة إلى عمرة والعرس الثاني أبطال والعيلة واعترافات بنات مرورا بمسلسل دون وصولا لفيلمها الجديد هجرة للمخرجة شهد أمين أثبتت خيرية قدرة نادرة على تحويل تجارب الحياة المعقدة وآلام الإنسان إلى أداء ينبض بالصدق والعاطفة في لقاءنا اليوم في صحيفة فسانيا ومن خلال أيام قرطاج السينمائية التي تحل عليها ضيفة نتوقف عند لحظات الألم والجبروت والانكسار حيث تروي لنا كيف استمدت عمق شخصية “ستي” من جدتها الحقيقية وكيف مزجت بين البعد النفسي الحركي والفكري للشخصية لتقدم أداء لا ينسى يتجاوز حدود النص ليصل إلى وجدان المشاهد حوارنا رحلة لاستكشاف طريقة الفنانة في بناء الشخصيات مع المخرجة السعودية شهد أمين وإيصال الرسائل الإنسانية والاجتماعية بشكل رمزي وبعيد عن المباشرة اليوم نغوص في تفاصيل هذه التجربة الفنية والإنسانية لنفهم كيف تصنع الفنانة السعودية خيرية نظمي قوة الأداء من صميم الألم والحنين والتجربة الحقيقية وكيف تجعل كل شخصية تعيش داخلها كما لو كانت واقعها الخاص.
كيف ترين مشاركتك في مهرجان قرطاج؟

أنا جد سعيدة وفعلا فعلا سعادتي لا توصف لآن مهرجان قرطاج ليس مجرد مهرجان عربي الحمدلله كان العرض الأول لفيلمنا هجرة وكنت حريصة على مشاهدة رد فعل الجمهور والذي كان رهيبا فقد استحسن الفيلم واستحسن أداء (ستي) في الفيلم والذي هو دوري ولذلك الحمدلله الحمدلله لآن الشعب التونسي والمتلقي التونسي رهيب متذوق ويتفحص ووصلته كل الرسائل التي أرادت المخرجة إيصالها له والحمدلله
بعد عرض الفيلم، ما أكثر رد فعل من الجمهور أثركِ أو فاجأكِ؟
كان بعدما قال لي الجمهور (ايش الابداع ده ايش الابداع ده) (شنوا الإبداع هاذا) كنت سعيدة جدا بهذه الجملة جدا.
إذا كان هناك مشهد واحد تريدين أن يتذكره المشاهد عن شخصية البطلة، ما المشهد ولماذا؟
المشهد الذي كانت (ستي) القوية الصارمة بكل قوتها وجبروتها يأتيها كسر وهو فقد حفيدتها وتختفي للأبد بعد المعاناة والبحث عنها لتجدها وتحاول إرجاعها لما من المفروض أن تكون عليه لكنها في لحظة تشعر باليأس وتفقدها لآنه أقوى مشهد وأصعب مشهد لحظة الألم في أنها تصل إليها بعد التعب والسفر والذي حدث فتفقدها كل الجبروت الخارجي ثم لحظة انكسارها والدموع وكيف اختزلت كل هذا في نظرة عينها.
شخصية البطلة تمرّ بمحطات التجهيز للحج ثم هروب الحفيدة ثم التعب في رحلة البحث عنها صمت المؤلم التفكير الدائم المجتمع العقاب الثواب ومجموعة من الأحداث ونهايات مفتوحة لحكايا متعددة كيف بنيتِ الشخصية نفسيا رغم قلة الحوار واعتماد التجسيد على لغة الجسد وخصوصا النظرة؟
في البداية عندما اطلعت على السيناريو كان عندي صورة ذهنية لاستدعاء جدتي (ستي) الحقيقية فهي أول من (جاءت في بالي ) ذات الصفات وذات السلوكيات فهذا شيء ليس بعيدا عن المجتمع وعلى الرغم من انني لم أعاصر جدتي لفترات طويلة لكن هذه الشخصية أتذكرها جيدا في (ستي) الله يرحمها الشديدة القوية القاسية حتى أنني (عمري ما شفتها تبتسم) وثم بعد ذلك وأثناء البروفات مع الاستاذة شهد شرحت لنا الحالة النفسية والبعد الوجداني والعاطفي للشخصية ولذا قمت بدراستها كثيرا وكثيرا وتعمقت فيها ليس فقط حركيا ونفسيا وفكريا وعاطفيا أيضا والاستاذة شهد كانت حريصة على أنني حينما أجسد الشخصية لا أمثل بل أعيش الشخصية فالبروفات كانت بروفات مكثفة كيف أدخل في عمق الشخصية بأدائها بصوتها الذي استدعيته من داخلي فهو لم يكن صوتي الحقيقي هو صوت الشخصية أيضا استحضار الشخصية بالكامل بكل تفاصيلها والحمدالله بعد البروفات استطعت أن اتقن الشخصية وأتحول من خيرية (لستي)
هناك مشاهد اختلاط فيها الديني بالإنساني كيف حافظتِ على صدق الأداء دون الوقوع في التفسير أو الوعظ؟
جميل أن الانسان عندما يريد إيصال رسالة الا يطرحها على نصائح أو بشكل مباشر وأن تكون الطريقة رمزية ومستترة حتى تصل بسرعة والاستاذة شهد كانت حريصة على هذا الأمر وعلى انها تمرر رسائلها بدون تصريح فكانت رائعة
مديرة دار تأهيل البنات والتي وضع الاب ابنته فيها وهي تصف الحفيدة سارة قال بأنها «بحاجة للتأهيل» كيف قرأتِ هذا المشهد كقمع مجتمعي في صورة الأب أم رعاية أبوية أم سوء فهم للواقع؟
كان هناك غضب شديد من الجدة لأنها رأت أن هذا مجحف في حقها ماذا كنت أفعل كل هذه السنين أنا أدبتها وربيتها فكيف تقول هذا لكن هنا المجتمع هو الذي يتكلم على لسان المديرة ولأنه ضد المرأة في تلك الأيام يرى أن المرأة في حاجة إلى تقويم مهما عملت أو درست أو وصلت مازالت تحتاج إلى تأديب أو قمع لكن الحقيقة والواقع يقول عكس ذلك.
التفاعل بين الحفيدات بين فكرة مجيئك من مجتمع آخر ومعاناة السؤال الدائم أنت سعودية من أشخاص هم أنفسهم لم يتحصلوا على الجنسية السعودية إلى اليوم التماهي مع المجتمع السعودي والتعايش والاندماج بل والذوبان فيه بعد فقدك والدك وهو في طريقه للحج وتركك طفلة صغيرة وحيدة والتي استطعت بالأمس تجسيدها وكأنها حقيقة كيف استطعت إيصالها للعيش معك كل هذه التفاصيل وكأنها حقيقة هل كان الأمر عبر ورشات تدريب أم توجيهات المخرجة؟
نعم كل شيء كان بتوجيهات المخرجة كان هناك بروفات حتى نصل إلى هذه النتيجة أنا جلست الأستاذة شهد عديد المرات وتناقشنا وتحاورنا لأن هذه حكايات أجدادنا نحن لن نجلب قصة من الخارج المجتمع أو حكاية شخص لا نعرفه هذه قصة عائلتي وعائلة جنى وعائلة سارة وقصة غالبية أهل مكة وما جاورها وهي المنطقة الغربية هذه قصة أجدادنا فجميل أن تظهر للنور ويعرفها الناس ونوصل هذه الحكايات للعالم كله ويتعرفون عليها هذا نحن هذه أصولنا من كل الوطن العربي ونحن نفتخر بأننا هكذا وهذا لا ينقص من قيمتنا كبشر شيئا فجلست معنا الأستاذة شهد وتحدثنا في هذه المواضيع كيف أتوا أجدادي ولما وكيف استقروا في مكة وكيف تعايشوا وتصاهروا مع أهل مكة فهناك خليط من الأجناس في مكة منصهرين في مدينة واحدة التي هي مكة المكرمة .
متى تعاطفت مع البطل أحمد؟ وهل أحمد بكل سلبياته وإيجابياته نموذج منتشر في السعودية؟ مثلما هو منتشر جدا في ليبيا؟
تعاطفت معه عندما عرفت مشكلته نعم موجود نموذج أحمد وبكثرة ولو جلستي مع الأستاذ نواف (أحمد) في الفيلم سيخبرك بأنه عرف وعاش وسط أشخاص يشبهون أحمد وأنا تقمصت شخصية هؤلاء البشر وهذا النموذج لأنهم بكثرة في السعودية فهناك أشخاص يشبهون أحمد وشخصية أحمد والناس الذين يأتون للسعودية بإقامات أو يكونوا قد ولدوا أساسا في السعودية وما يعرف بلده الأصلي ولم يزرها يوما ثم تنتهي إقامته ويطلب منه العودة صعب وهذه معاناة فئة موجودة لكن الحمدلله حكومتنا الرشيدة في السنين الأخيرة بدأت تشعر بمعاناتهم وبدأت تضع لهم القوانين فمن هو سعودي الاب والام وضعه يختلف عمن ولد من أم أجنبية وبخصوص الوافدين من ولد في السعودية وضعه يختلف عن الآخرين وهكذا وضعت له قوانين تحميه في الحياة الحمدلله الأمور (مرة للأحسن كثير) وفي تحسن دائم .
أود أسأل عن المشهد الذي يضطر فيه الإنسان .لماذا رفضتِ رفضا قاطعا الغش في بيع الماء على أنه ماء زمزم وفي الوقت نفسه قررتِ مساعدة حفيدتك في بيع الماء الذي كان معها رغم معارضتك لما فعله أحمد في بداية الفيلم؟
لم أرض أن يغش في بيع الماء على أنه ماء زمزم بل رفضت رفضا قاطعا لكنني بدأت في مساعدة حفيدتي في بيع الماء الذي كان معها لمساعدة أحمد عندما شعرت بأنها بدأت في هذه المهمة وأنها بدأت في تحمل المسؤولية فمن واجبي أن أقف بجانبها و أساعدها في معترك الحياة التي ستواجهها لكن كغش وما فعله أحمد في بداية الفيلم من غش وبيع الماء على أنه ماء زمزم لم أقبله ولن أقبله أبدا بل بالعكس وقفت ضده وسأقف ضده
هل كنت سعيدة بأنك في العمل جدة ؟
طبعا طبعا وأنا في الحياة أيضا جدة تحياتي لكم وشكرا لوجودكم














