من مشاكل العمل

من مشاكل العمل

  • محمود السوكني

كل المصالح والمؤسسات تقفل أبوابها يومي الجمعة و السبت للاستمتاع بعطلة نهاية الأسبوع ، التي أجازها المشرّع للراحة والاستجمام من عناء أيام الكد والتعب والإرهاق ، ولكي تكون العودة للعمل بكل نشاط وحيوية وتحقق أداء متزناً ومثمراً يتسم بالبذل والعطاء الذي يصب في مصلحة العمل .

هذه هي الفلسفلة من منح هذه العطلة التي يجب أن يجبر العاملون على قضائها بعيدأ عن مواقع العمل إلا في حالات الضرورة القصوى التي تتطلبها المصلحة العامة وتقتضيها الظروف الطارئة ومع ذلك فقد أجاز المشرّع تعويضها بأيام أخر وألزم جهة العمل بذلك . في العالم الآخر الذي نرنو إلى ملاحقته ، ويتفاخر بعضنا بمعرفة خباياه ، يقدسون عطلة نهاية الأسبوع ويلتزمون بقضائها بعيدأ عن هموم العمل ومشاغله مهما كانت المغريات ، فراحة الجسد ، وصفاء الذهن شرطان أساسيان لأسبوع حافل بالنشاط ، سخي في العطاء .

أمّا في عالمنا هذا ، فالحال يختلف ، فنحن نتحين بدء عطلة الأسبوع في أداء ما عجزنا أو تخلفنا عن أدائه خلال الأسبوع ، وقد يكون ذلك لكثرة العمل وحجمه والزمن القصير المحدد لإنجازه ، ولكنه ليس دائماً  السبب الوحيد ، فهنالك أسباب أخرى عديدة قد يكون أبرزها كثرة المجاملات التي تغلف نمط حياتنا ، وتقيد حركتنا ، ولعل أبرزها الزيارات اليومية للأهل والأحباب لمواقع العمل ، لا لضرورة تفرضها ، أو طارئ يُحتِّمُها بل هي غالباً لإحتساء قهوة أو السؤال عن الأحوال (!!) وكأن الشراب الساخن لا يحلو إلا في مواقع العمل ، والسؤال لا يتم بأية واسطة أخرى إلا بالحضور الشخصي !

تصدمك هذه النزوات ، ولا تملك لها دفعاً ، فإما أن تجامل وتضيّع وقت العمل ، وبالتالي تخون الأمانة ، أو ترفضها وتحرج الضيف وتضيع علاقة إستغرقتُ زمناً في بنائها !

في ذات السياق ، ألزم المشرّع ، المنتج أو العامل أو الموظف – بغض النظر عن التسمية – بإجازة سنوية لا تقل عن خمسة عشر يوما متواصلة لا إنقطاع فيها ، يقضيها بعيداً عن العمل حفاظأ على صحته التي تنعكس إيجابيا على مردوده البدني والذهني أثناء الأداء الوظيفي ، ومع ذلك فأنت تسمع بمن لم يخرج في إجازة منذ سنوات عدة لضرورات العمل !

وكأن الحياة ستتوقف بغيابه، والمصلحة ستقفل أبوابها لعدم وجوده !!

بهذه العقلية نتعامل مع إجازاتنا وعطلاتنا بدعوى البناء وسرعة اللحاق بركب من سبقونا ، ونجهل أننا بذلك نستنفد طاقاتنا ، ونهدر إمكانياتنا ونعطل حواسنا ونخسر خيرة رجالنا الذين يتناقص عددهم بلا طائل ، وبدون خطة محكمة لتوفير البدائل القادرة والمتمكنة.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :