- د / سعد الاريل
لعل ما يتراءى لنا حول الانتهاكات الدولية حول حقوق البشر يتفاقم من حولنا حتى يصل للتجويع وهو أعظم خطر يتمثل في الإمداد المائي لسكان الكرة الأرضية و انتهاك حقوق الإنسان في العيش الممكن .. اليوم ( مصر ) لم تعد هبة النيل بل هبة ( النهضة ) بعد إنشاء سد النهضة على هضبة ( الحبشة ) ..حوض ( النيل ) الأهمية القصوى للعيش في القطر المصري و سد النهضة سوف يكون له التأثير الأكبر على الإمداد المائي في حوض النيل و المتضرر الأكبر هو الشعب المصري في المقام الأول من قيام هذا السد المعيق للحياة في حياة الأسرة المصرية التي تعتمد في حياتها على النهر في الزراعة و الري أكثر من غيرها من شعوب العالم بسب انعدام سقوط الأمطار في نسب ضئيلة ليست معضدة للحياة وخاصة مصر من بين الدول المهددة بالعطش .. فالمياه التي تجري من الهضبة الحبشية و خاصة ما يسمى بالنيل الأزرق أهم روافد نهر النيل بجانب النهر الأبيض القادم من بحيرة أفريقيا الذى يغذي الجوار من دول جنوب الصحراء .. والحضارات قامت على مياه الأنهار فحضارة ( بابل ) و ( أشور ) قامت على دجلة و الفرات النابعان من الهضبة التركية و اليوم ( العراق ) يعاني من الجفاف المائي بعد قيام سد (أتاتورك ) على نهر ( الفرات ) .. العالم العربي يعاني اليوم من آثار إنشاء السدود التي تحجب عنه المياه و ليبيا إحدى هذه الدول بعد قيام النهر الصناعي في المنطقة الشرقية حيث الإمداد المائي الجوفي يصل من جنوب الصحراء إلى الشمال أي أن سريان الماء إلى حوض ( مصر ) و إلى حوض ( السرير ) يأتيان من الهضبة الأفريقية ومن بحيرة ( تشاد ) في الجنوب الليبي .. ليست مصر فقط تتأثر بالسدود بل أيضا ليبيا هي إحدى الدول المتأثرة .. نهر ( النيل ) يجري آلاف الأميال حتى يصل إلى ( مصر ) و سوف يكون أيضا له التأثير الأكبر على سد ( أسوان ) الشريان الأكبر لإمداد الكهرباء للقطر المصري .. من حيث أن سقوط الأمطار على الهضبة الحبشية هي أقل كثيرا مما هو على بحيرة ( فكتوريا )في السنة فنسبة تساقط المياه على الهضبة لا تتجاوز 500 مل ..فنهر النيل الأزرق النابع من هضبة الحبشة هو الرافد الأساسي لنهر النيل .. التأثير الكبير سوف يكون على ( مصر ) أكثر من ( السودان ) جغرافيا .. فالمتضرر الأكبر سوف يكون ( مصر ) و ( ليبيا ) .. اليوم سد ( النهضة ) سوف يكون أكبر سد في العالم ..حيث ليبيا تعتمد بشكل رئيسي على مياه النهر الصناعي القادم للجوف الليبي من جنوب الصحراء ,, فالمغذي الأساسي للنهر الصناعي هما الهضبة الأفريقية و بحيرة ( تشاد ) ..من الظاهر أن ( إسرائيل ) وراء المخططات العدوانية للشعب العربي الممزق الأوصال اليوم في استثمارها في سد النهضة .. نحن نرقب حقوق الإنسان العالمية حول الماء المزود الحقيقي لحياة الإنسان فالقوانين الدولية تمنع قيام السدود على الماء من خارج حدود القطر .. و لا ندري لماذا الأمم المتحدة غائبة عن سد ( أتاتورك ) في تركيا و سد النهضة في مصر ؟ فليس أمام ( مصر ) إلا محاربة هذا السد الذي سوف يقتل الحياة في (مصر ) و أيضا في ( ليبيا ) ..يجب أن يتحرك العرب جميعا على هذا الخطر الأعظم الذي يهدد الحياة و أيضا الجيوسياسية للوطن العربي .. قيام السدود هو أخطر حتى من القنابل الذرية التي تلقى فوق رؤوس الناس .. نحن نتراءى أن سد ( النهضة ) و سد ( أتاتورك ) هما الخطر الأكبر الذي يهدد الحياة العربية و لا تعاد الحياة الوحدوية للعرب إلا بإعادة نظام المؤسسة الديموقراطية للجسد العربي الذي وقع تحت آثار الفاشيين. فالبرلمان العربي هو برلمان هش لا يمثل إرادة الشعوب العربية بل الحكومات.