- سالم أبوظهير
الإرهاصات العنيفة المؤلمة التي ضربت عمق المجتمع الليبي وأضرت به ، كانت من نتاج ومخرجات الربيع العربي، بحجة ودعوى إسقاط نظام معمر القذافي ، وخلق بديل جديد أفضل لم يتحقق حتى الآن، بل إن ماحدث (وبكل أسف)،كان ولايزال صراعا مريرا على السلطة، وانقساما أشد مرارة بين السيطرة العسكرية ،والسيطرة الميلشياوية على مقدرات الوطن . ناهيك عن حالة الفوضى المصنوعة بعناية ،لتشمل كل جسم من أجسام الدولة فتنهكه ،أو تنهيه وتقلل من فاعليته بشكل مفاجئ وسريع وغير متوقع ، رحلت الكاميرات العملاقة ،ورحل من كان خلفها من شخصيات إعلامية من مختلف أصقاع الأرض ، تنقل للعالم بمختلف اللغات التي كانت حركة المقاتلين على الأرض، تتابعهم وهم في طريقهم من الشرق والغرب والجنوب وجهتهم الواحدة معسكر باب العزيزية ، ومن فوقهم طائرات الأباتشي تمهد لهم الطريق، وتصفهم بالثوار الأشاوس، والثوار الأبطال. انتهى الدور الإعلامي لهذه الماكينة الضخمنة التي كانت تسوق لليبيين أن القادم أفضل بعد أن يموت معمر القذافي، ورحلت الكاميرات ،وأغلقت الأستديوهات المكيفة التي كانت تتابع شجاعة الثوار وبسالتهم النادرة ، بعد أن تحول الثوار إلى مليشيات ، وحرب التحرير تحولت إلى حرب أهلية وقبلية. ثماني سنوات الآن ،وقلوب الليبيين ورقابهم معلقة بفبراير الثورة ، ضحى الآلاف بأرواحهم ، وسالت الدماء ، وفقد الشباب أطرافهم ، حبا في فبراير ، وفي المقابل نزح الآلاف من بيوتهم وفقدوا أعمالهم وأمانهم وآمالهم ، هربا من فبراير التي عارضوها ووقفوا ضدها ونجحت فلاحقت البسطاء منهم لأنهم هتفوا لمعمر القذافي وللفاتح وتطوعوا في البوابات من أجل سلاح وقليل من الهيبة الزائفة التي تصنعها بندقية وسيارة تندرا . بينما دخلت الكرامة على الخط ، وغفرت لرموز كبار في سبتمبر هربوا من الأبواب ودخلوا من النوافذ كانوا يشكلون أوتادًا لخيمة القذافي ، يجلسون الآن في مكاتبهم كمستشاريين أو قادة عسكريين.وتدريجيا اختفت معالم الاحتفال بفبراير الثورة ، في الشرق الليبي معقلها الذي انطلقت منه، فهل حلت الكرامة محل فبراير ؟أم انقلبت عليها ؟ وهل تتعارض الكرامة مع فبراير، أم أن الكرامة أزاحت فبراير من المشهد لأنها أنهت حكم العسكر ،بينما الكرامة يقودها العسكر ؟. قد فشلت فبراير في تحقيق أهدافها ،رغم أنها ساهمت في حدوث أول تداول سلمي على السلطة ، بينما نجحت الكرامة في مطاردة فلول داعش والقضاء عليها ، لكنها فشلت في أن تكون مكملة لفبراير ،ويتهم بعض الليبيين بعض قادة الكرامة أن هدفهم الوصول للسلطة، بالنظر لانتشار مايعرف بخيمات التفويض ومحاولات تخريب مراكز الاقتراع ،و مايسوق له إعلام الكرامة بوجود القائد الوحيد الأوحد..