- أ. سالم أبوخزام ،،
جاء لفظ الوطن لكل الأرض والمكان الذي يحمي ساكنه ليتشبث به ويدرك أن جذوره تضرب أعماقها فيه ، ومن هنا اشتقت كلمة (الوطنية) من الوطن لتدلل على الارتباط الوثيق به وصونه والدفاع عنه وإعلائه والرضا وبطيب خاطر للموت والاستشهاد في سبيله .
وبالتالي هناك حب متأصل للوطن لايساويه شيء نهائيا وهو غريزي مايدفع إلى التحام واقتران هذا الشعور المتفرد بالوطنية .
فالوطني هو من يبذل الروح والنفس في سبيل وطنه وبدون مقابل في حالة الدفاع عنه ، بينما يخدمه ويعطي من أجله الجهد والعرق لبنائه وإعلائه بين الأوطان.
لذا فإن الإخلاص للأوطان يتضح من خلال ممارسة الفرد لسلوكه الحميد دائما باتجاه وطنه .
شرف الجندية مثال في الدفاع عن الوطن بتضحية و فداء ، إلا أنه توجد قيم أخرى لاتقل عن الجندية ، فالطبيب والمهندس والمعلم والشرطي والموظف والطالب والصحفي والعامل والفلاح وأيضا النساء ينطبق عليهن ذلك ، إن تأدية الواجب المناط بأي منا هو قيمة تؤدى للوطن ، وبالتالي فإن الوطنية تنبع من كل تلك القيم النبيلة المشرفة .
عربيا :
إن مايعزز الوطنية هو الوقوف إزاء العدو أقول بأن العدو الحقيقي لأمتنا العربية التي نحن جزء منها هو من اغتصب أرضنا واحتل القدس الشريف ودنسه ونكل بأبنائه وليس أمامي إلا أن أستشهد بحرب أكتوبر المجيدة وأسوق (اللواء طيار جاد الكريم نصر ) وشجاعته النادرة أمام عدونا المشترك فحينما كان يقاتل في سرب طيران يتكون من أربع طيارات وفي تشكيل مسلح مواجه للعدو لضرب مطاراته ودشمه العسكرية حيث نجح في ذلك ، ودمر قواعد ، وكل اتصالات منطقة (جبل أبوخشيب ) في غارة جوية ناجحة وموفقة.
إلا أن طيارات العدو لاحقت السرب المصري واشتبكت معه وأسقطت طيارة جاد الكريم نصر ، الذي تمكن بفضل قدرة الله وبحراسة ملائكية من النجاة بعد قفزة مدهشة بالمظلة .
ظل الطيار يقاوم مشيا على الأقدام ليومين حيث وصل إلى زملائه غربي القناة!
صارع خلالهما الموت وكاد أن يتم أسره في أكثر من مناسبة !!
كان اللواء طيار مقاتل جاد الكريم نصر متفردا في حبه لوطنه وبلاده ومشاعره ظلت تفيض بالوطنية إذ كان في أحلك الظروف وأقساها ! لكن حبه لوطنه ووطنيته تغلبت على كل ذلك وانتصرت .
محليا :
المجاهد (بومطاري) الذي دافع عن ليبيا بكل ما أوتي من قوة وعزم وخاض سلسلة من المعارك في أنحاء برقة بليبيا ضد الغزو الإيطالي الفاشستي بكل شجاعة وجسارة .
إلا أنه عندما تقرر أثناء الغزو الإيطالي الهمجي احتلال ومداهمة الكفرة الليبية لم يتردد المجاهد لحظة واحدة في وداع زملائه وشيخ الشهداء البطل عمر المختار وتوجه (أبومطاري) إلى الكفرة ، وربما كان يعلم أنه سيلاقي ربه وحتفه شهيدا في سبيل بلاده .
أبومطاري لم يتأخر عن وطنه وعن مسقط رأسه بل آثر مواجهة الموت بكل بسالة ورجولة نادرة ، واستشهد في سبيل وطنه وبلاده واختلطت دماؤه بتراب الوطن وقدم روحه فداء للكفرة وليبيا .
هذا في ميدان الشرف والجندية ، إلا أن ميادين كثيرة لاتقل عن تلك المشاهد الجسورة وفي كل المجالات وبشكل آخر مختلف تماما لكنه مساو لتلك التضحيات .
وفي كل المهمات إن طبيبا أو مهندسا ، أو أستاذا عاملا وفلاحا وصنائعيا وغيرها .
فالوطنية : أن تهب نفسك روحا ودما لأجل الوطن وتضحي بطيب خاطر ونفس من أجله وتصون شرفه وكرامته .
كما أنك تدافع عنه بمختلف السبل والطرق لإعلائه والحفاظ عليه من (مكانك) دونما مقابل من أحد وباقتناع كامل وبكل إحساسك ومشاعرك العالية حينئذ ، تلك الوطنية في الأرض والسماء والماء صونا وفداء .
وطني لاشيء يوازيك ، ولاتقارن بأي حب فأنت ماينبض بك الفؤاد ويفيض ويزيد ذلك ماحفلت به ليبيا في الانحياز دونها وإعلائها فوق كل الاعتبارات قيمة وطنية!!