بقلم :: عوض الشاعري
لا أدري لم تذكرتك الآن , وأنا لا أكاد أنساك أبداً منذ فراقنا الأخير ؟
الآن بالذات … تلوحين لي بوجهك المضيء وأنا خلف مقود السيارة أحدق في صورتي الساكنة في حدقة عينك وأنت تنهرينني كعادتك :
– انتبه يا نور عيني للطريق
فأغافلك وأسترق النظر إلى عمق عينيك التي تشبه عينيّ إلى حد كبير فلا أرى في غورهما سوى صبر عميق والتماعات تومض كلما ناوش شعاع الشمس عدستيهما بتوهج رغم عدم قدرة الحزن على طمس جذوتهما المتقدة طيبة وبهاء . وحينما لم تفلحي في إثنائي عن النظر إليك تلتقطين نظارتك السميكة بهدوء لتغطيهما بحجة ضغط الهواء ودخان سيجارتي الذي قد يذهب بما تبقى فيهما من بصيص .
تذكرت حينها قصة قصيرة لصديق طبيب عن أميرة عاد بصرها بمجرد تذكر اسم حبيبها الأول , فأردت أن أمازحك بتلك الحكاية ، فإذا بك تنهرينني من جديد :
– أنت حبيبي الأول والأخير ، أنت نور عيوني .
أتذكرك الآن في هذا الهزيع وأتذكر كل محاولاتنا معا عند أطباء العيون ومع أشعة الليزر والعدسات والعمليات الجراحية وقوة صبرك وقدرتك على الأمل والحلم وأنت ترددين :
– لن يعيد لي بصري سوى زيارة لقبر جدي حبيبي المصطفى
أتذكرك وأنت تموئين في أحضاني بعد كل زيارة كطفلة وأنا أمسح ذلك الفلز الساخن المنهمر عبر وجنتيك وألثم جبينك وأشم عبير الفردوس تماما مثلما تستشعره حواسي الآن وأشاكسك وأنت ترددين :
– انتبه للطريق يا نور عيوني
– الله يربحك يا وليدي ويسترك سترة الضأن بالصوف .