هرولة

هرولة

أنيس البرعصي

تبدو فكرة الهرولة على رصيف جزيرة جليانه جيدة حتى تقرر ذات مساء أن ترتدي ملابسك الرياضية و تجهيز سماعاتك و قائمة أغانيك المحفزة متقمصا شخصية روكي بالبوا و الانطلاق إلى هناك،

في البداية دعنا نتفق أن تجعل سياج “الزينقو” يسارك حفاظا على اتجاه سريان دوران الدم و النبض ..

و بعد ذلك احترس من قنينات المياه المقذوفة على المتريضين من السيارات المسرعة ..

قد تخسر سن أو تحصل على عاهة مستديمة في وجهك الذي لاينقصه اضافات بشعة جراء ذلك و لن تضبط الفاعل لذا من باب الحيطة والحذر أن تبتعد أقصى مسافة عن الطريق لتخفف من قوة المفاجأة غير السارة !

الموجات الصوتيه التي تبثها  تلك السيارات أيضا تشعرك بأن لاعب شهير قد مرر الكرة بين ساقيك “ويو + وووه + ميووو” مع ألفاظ أخرى و من حسن حظهم أنك لست لبنى السريعة لتلحق بهم و لاتحمل فوق ظهرك سهم و قوس لترد الإساءة ..

 لذا من الأفضل رفع صوت هاتفك و ليحفظ الله طبلة أذنك ..

أما رائحة المخلل المتعفن لا تعني بأن ثمة محل أجبان و زيتون بالقرب لكن إن كانت المرة الأولى لك فيسعدني إخبارك أن مصدرها بحيرة السبخة إن كنت لاتعلم ..

حاول ألا تدقق كثيرا في تمرينات الرجل صاحب الجسد الغريب ، بيديه القصيرتين و وسطه الممتلئ ككنغر أسترالي .. إن كان يركض في مكانه كلاعب ببجي انقطع عنه الانترنت ..

و نفس الشيء أيضا مع السيدة التي ترتدي بنطلون أديداس مع كعب عالي و تصدر صوتا بميدالية مفاتيحها  ..

أنت لست هنا لحل الألغاز .. اتفقنا ؟

لكن بامكانك أخذ غايتك في سبر غور الفتى صاحب سروال الجينز الذي توقف للتو عن الهرولة ليلتقط أنفاسه و طفق يتسول عن قداحة تشعل سيجارته .. هل قرر أن يصبح رياضي فجأة و الوقت لايسمح بعودته لاستبدال سرواله ؟ أم أن رفاقه قد اخجلوه بمرافقتهم وهو هنا على مضض!

لايهم

في المنعطف بالقرب من “الكوبري” سيعترض طريقك عدة رياضيين بفلاشات كاميراتهم، قد تظنهم يبحثون عن أثر أرجل أو قرط ضائع

لكن في الحقيقة العمدان منطفئة هناك  منذ أن زارنا السيرك الإيطالي و المنطقة مليئة بالحفر و الخزانات التي نهبت أغطيتها

ولم يلاحظها عمداء البلدية الخمسة حتى هذا اليوم ..

بعد أن تنجوا و تخرج من هناك بالسلامة ..

سيلفت انتباهك لمعان أعين ضيقة و صغيرة و مريبة كالثعالب خلف زجاج سيارات مركونة على حافة الرصيف .. لا أحد يعرف من هم و ماذا يفعلون هناك ..

و بعد أن تفتح باب سيارتك ستفكر جديا

هل تغير حذائك

 أم تقلع عن ممارسة الرياضة في الأماكن المفتوحة ؟

-2021

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :