سؤال تلقاه الدكتور محمد علي، والذي قال في رده قضاء الصلاة عن الميت لا يشرع سواء فاتته في مرضه، أو في صحته، ولكن الذي ينبغي هو الدعاء له والصدقة عليه، مستشهدًا في ذلك بحديث ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
و أضاف: المرء إذا مات فقد توقفت أعماله كلها باستثناء هذه الأمور الثلاثة، فإن هذه سيصله ثوابها بعد موته، أما العلم والصدقة الجارية، فلأن النفع بهما باق، فكذلك ثوابهما، وأما الولد فلأنه فرع من أبيه ولأنه هو السبب في وجوده، وقد يكون رباه على الصفات التي يكون بها رجلاً صالحاً فناسب أن يكون امتدادا لسعيه هو فينال الأب من دعائه من الثواب ما ينال.
وأوضح الدكتور أن الطهارة و الصلاة صلاة الفوائت عن المتوفى الصلاة فرض عين لا تقبل النيابة ولا الوكالة، لأنّها حقّ الله سبحانه على كل عبد، وليس هناك عذر لتركها أبدًا، فهي تؤدَّى من قيام أو قعود أو اضطجاع، في السّلم وفي الحرب، بحركات الجسم والعقل وبأيّة وسيلة مُمكنة؛ لأنها صلة بين العبد وربه، لا يمكن للعاقل أن يستغنيَ عنها، ولا يقبل الله مَن يقوم بها بدلَ العبد، فالشحنة الرُّوحيّة لا يمكن أن تنتقل ممّن حصل عليها إلى غيره أبدًا، فالصّلة مقطوعة.
ولأهميّة الصلاة جعلها الحديث الشريف الذي رواه مسلم الفرق بين المسلم والكافر فمَن تركَها عمدًا جحدًا أو استهزاء كفر، وإذا فاتت وجب قضاؤها، ومَن لم يقضِها يحاسب عليها حسابًا عسيراً إن لم يغفر الله له.
ولهذا لا يجوز للابن ولا لغيره أن يصلِّي الفوائتَ عن المتوفّى، مستشهدًا في ذلك بقول الله-تعالى-في سورة النجم،” وأَنْ لَيْسَ للإنْسانِ إِلا مَا سَعَى”.
وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ” إذا ماتَ ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ صدقة جارية أو عِلم يُنتفَعُ بِه أَوْ وَلَدٌ صالحٌ يَدعو له”رواه مسلم.
ولأن الأصل في الفروض العينيّة أنْ يؤدِّيَها الشخص بنفسه إلا ما استثنى كالصوم والزكاة والحج، فإنّه يمكن أن يؤدِّيَها عنه غيره لورود النص الصريح في ذلك.
أما الصلاة للوالد المتوفَّى ـ لا الصلاة عنه ـ فجائزة، حيث يمكن للولد أن يصلِّي نافلة ويهَب ثوابها لوالده، فينتفع بها إن شاء الله.
إن جهور العلماء على أن قضاء الصلاة المفروضة عن الميِّت ممنوع، ونقل ابن بطال الإجماع عليه ولكن الإجماع غير صحيح؛ لأن هناك مَن يقول بجواز ذلك، ودليله:
1 ـ ما رواه البخاري أن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أمرَ امرأة جعلت أمُّها على نفسها صلاة بقِباء ـ يعني ثم ماتت، فقال: صلِّي عنها.
2 ـ ما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح أن امرأة نذرتْ مشيًا إلى مسجد بقباء، أي للصلاة، فأفتى ابنتها أن تمشيَ لها. وأخرجه مالك أيضًا في الموطأ.
3 ـ أن بعض التابعين وعلماء السلف أجاز الصلاة عن الميت. قياسًا على الدعاء والصدقة والحج.
ورد الجمهور على ذلك بأن النقل عن ابن عمر وابن عباس مختلف، فقد جاء في الموطأ للإمام مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يُصلِّي أحد عن أحد، ولا يصوم أحدٌ عن أحد.
وأخرج النسائي عن ابن عباس مثل ذلك القول. فالنقل متضارِب عنهما، وإن كان يمكن الجمع بأن المنع عن القضاء هو في الفرض أو النَّذْر، وأن الجواز هو في النفل.
والخلاصة القول في ذلك بين على، إن قول الجمهور بعدم جواز قضاء الصلاة عن الميت هو المختار للفتوى، ولا يصحُّ غيره حتى لا يتهاوَن الناس بهذه الفريضة التي هي من الإسلام بمنزلة الرأس من الجسد، أما الصلاة للميِّت أي الصلاة النافلة التي يهَب ثوابها له فلا مانِع منها، وقد جاء النص عليها