السفير / جمعة ابراهيم
فى قمة تجمع دول الساحل والصحراء التى انعقدت بطرابلس فى الخامس من فبراير 1989 صادق مجلس الرئاسة على مهام الأمانة العامة للتجمع ، وبموجب المادة الثالثة تقرر أن تكون طرابلس مقراً لها وانتخب الدكتور المدنى الأزهرى أميناً عاماً . حرصت دولة المقر على توفير التسهيلات اللازمة لكي تضطلع الأمانة العامة بمهامها على النحو الواجب من حيث الترتيب لعقد الاجتماعات في دولة المقر أو خارجها وإعداد وتقديم التقارير التي تطلبها هذه الأجهزة ، كما التزمت دولة المقر بأن يتمتع موظفو الأمانة بالحصانات والامتيازات والتسهيلات التي ترتبت عليها بموجب اتفاقيات وقرارات أجهزة التجمع ، إدراكاً للأهمية السياسية والفوائد الاقتصادية والسمعة والمكانة التي ستحظى بها ليبيا من وراء التمسك باستضافة مقر الأمانة علاوة على مايتيحه من فرص لخدمة التوجهات السياسية الليبية بدول (س.ص) وعلى المستويين الأفريقي والدولي . ونظراً للظروف السياسية والأمنية التي شهدتها ليبيا عام 2011 اضطر موظفو الأمانة العامة من غير الليبيين لمغادرة مقرها وبقوا في بلدانهم فتوقف نشاطها تماماً وتولى نائب الأمين العام السيد إبراهيم أباني من النيجر تسيير الأمور البسيطة منها دفع مرتبات العاملين وترتيبات المشاركة في مراقبة الانتخابات الرئاسية التي جرت في عدد من دول التجمع وبالإضافة إلى هذه الوظيفة أوكل للسيد ” أباني ” منصب وكيل وزارة الشؤون الخارجية والتعاون فى حكومة بلاده . أعربت دول في التجمع عن قلقها من الوضع الحالي للأمانة العامة لدرجة أن عددا منها أفصح عن رغبته في استضافة مقرها ، ومنها تشاد التي تراجعت في نهاية الأمر ، و المغرب الذي يبدو أنه تخلى حاليا عن هذا المسعى ، ولا يجب الاطمئنان إلى الوثيقة التي تحدد مهام الأمانة العامة ومقرها بمدينة طرابلس ، ففي البداية يمكن أن يطرح من يسعى لنقل المقر الحالي إلى عاصمة أخرى بشكل مؤقت تمهيدا للإبقاء عليه بصفة دائمة ، وهناك سوابق ومنها عندما قررت دول الجامعة العربية نقل مقر الأمانة العامة للجامعة من القاهرة إلى تونس مؤقتاً على إثر قيام مصر بتوقيع معاهدة سلام مع الإسرائيليين . ما يُخشى منه كذلك المطالبة بنقل المقر الرئيسي لمصرف الساحل والصحراء من طرابلس إلى دولة أخرى وهناك أيضا سابقة عندما تقرر نقل مقر المصرف الأفريقي للتنمية من مقره بأبيدجان إلى تونس بصفة مؤقتة على إثر الاضطرابات السياسية التي شهدتها جمهورية كوت ديفور ، وما يجب التنبيه إليه هو أن محاولات نقل الأمانة العامة لم تتوقف بعد في ضوء حالة الجمود التي تمر بها الأمانة وبقية أجهزة التجمع ومنها المجلس التنفيذي ومجلس الرئاسة اللذان لم يجتمعا منذ عدة سنوات ، وهذه مبررات كافية للمطالبة بعملية النقل من باب الحرص على مسيرة التجمع وإعادة تفعيل أجهزته ، وفي كل الأحوال فإن إعادة الأمانة العامة إلى مقرها الأصلي حتى لو نقلت مؤقتاً لن تكون سهلة وسيظهر الكثيرون الذين سيضعون العصا في الدواليب . ———
لهذه الأسباب فإن الأمر يحتاج إلى أن تتحرك السلطات الليبية المختصة وبشكل عاجل ومكثف ومنسق لوقف هذه التحركات التي يبدو أنها بدأت تسير بسرعة متواترة ، وهذا يتطلب اتخاذ جملة من الترتيبات والإجراءات في الداخل وعلى مستوى دول التجمع والمطلوب يرد في النقاط التاليه : أولاً ــ تكليف لجنة تضم مندوبين من الجهات ذات العلاقة ، وتحديد مهامها بحيث تختص ضمن جملة أخرى بما يلي : أ ــ زيارة مقر أمانة التجمع وتحديد احتياجاتها وإجراء عملية الصيانة اللازمة للمبنى وتوفير بديل للمعدات والآليات المتهالكة وإعادة رفع اسم التجمع وشعاره على مبنى الأمانة ، ومنع أي جهة كانت من الاستحواذ على مقرها . ب ــ التنسيق مع الجهات الأمنية المختصة لتوفير الحراسة الدائمة للمبنى وللعاملين به . ج ــ حصر الاتفاقيات المبرمة في إطار التجمع وموقف ليبيا منها من حيث التوقيع والتصديق والانضمام ، والتركيز على الاتفاقيات الأمنية التي دخلت حيز التنفيذ والتنسيق مع دول الجوار الأعضاء في التجمع لتفعيلها لاسيما من حيث معالجة الهجرة غير الشرعية والأنشطة الهدامة كتهريب السلاح والمخدرات . د ــ إعداد مقترحات محددة لاستفادة ليبيا من عضوية التجمع ومن ذلك الدفع بالعناصر الليبية لشغل الوظائف بأمانته والمشاركة كمراقبين في الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تجرى في دوله . هـ ــ حصر متأخرات مساهمات ليبيا لدى التجمع ودفعها أو على الأقل جزء منها لإظهار مدى جدية السلطات الليبية وحرصها على إعادة تنشيط عمل الأمانة العامة وبقية آليات وأجهزة عمل التجمع . ثانيا ــ حث نائب الأمين العام للعودة إلى مقر الأمانة بطرابلس في أسرع وقت وإطلاعه على ما اتخذ من ترتيبات وحثه على أن يباشر هو وبقية الموظفين عملهم بمقر الأمانة . ثالثا ــ استدعاء سفراء الدول الأعضاء في التجمع المتواجدين بطرابلس لإطلاعهم على ما قامت به السلطات الليبية من ترتيبات لإعادة تشغيل الأمانة العامة لكي يقوموا بإخطار عواصم بلدانهم بذلك . رابعا ــ في حالة توفر معلومات صحيحة ومن جهة موثوق فيها عن سعي أي دولة عضو لنقل مقر الأمانة العامة ، الاتصال بحكومة هذه الدولة على الفور والتأكيد لها على أن توجهًا من هذا القبيل لايصبّ في مصلحة العلاقات الأخوية بين ليبيا وهذه الدولة . خامسا ــ توجيه رسالة إلى وزراء خارجية دول التجمع يشار فيها إلى الظروف السياسية والأمنية التي مرت بها ليبيا في السنوات الماضية وتأثيرها على الأمانة العامة وإخطارهم بأن السلطات الليبية عملت بكل جدية لإزالة ماحدث من سلبيات والتأكيد لهم بأن الظروف باتت مهيأة الآن لكي تباشر أمانة التجمع عملها من طرابلس في جو يُمكّن العاملين بها من ممارسة أعمالهم في أمان وطمأنينة . سادسا ــ خلال هذه التحركات والاتصالات يتم التركيز على الدول المؤسسة للتجمع وهي بالإضافة إلى ليبيا ، السودان ، وتشاد ، والنيجر ، ومالي ، وبوركينا فاسو ، لكي تؤكد من جديد على أن اختيار طرابلس لتكون مقراً لأمانة التجمع انبثق عن قناعه بأنها المؤهلة فعلاً لهذا المقر نظراً لما لليبيا من إمكانيات تجعل الأمانة قادرة على تحمل مسؤولياتها بكل جدارة ، وفيما يتعلق بالنيجر تحديداً فإن المطلوب أن تحول حكومتها دون جرّ نائب الأمين العام وراء أي طرح لنقل الأمانة من طرابلس وأن يتمسك ببقائها في مقرها الأصلي خاصة على ضوء التطورات الإيجابية في ليبيا والإجراءات التي اتخذتها السلطات الليبية من أجل ذلك . سابعا ــ حث الدكتور المدني الأزهري ـ الذي لايزال قانونا الأمين العام لأمانة التجمع ـ للعودة إلى ليبيا ومباشرة مهامه ولو بصفة مؤقته إلى حين إعادة انتخابه أو انتخاب أمين جديد وهنا تجدر الإشارة إلى أن دول معينة ترغب في هذا المنصب ومما تدفع به أن الأمين العام الحالي شغل الوظيفة لمدة طويلة وحان الوقت لتداول الدول الأعضاء على شغل منصب الأمين العام للتجمع .