استطلاع : أحمد تواتي
بحلول أواخر عام 2021 ، يأمل المواطن الليبي أن يسفر الخريف السياسي الموحش عن ربيع حقيقي قادم يحتضن حلم الدولة المدنية ! ورغم تباين آراء الشارع الليبي بين مؤكدين و مشككين في إقامة الانتخابات الليبية في الـ 24 من ديسمبر2021 ، فإن العيون ترتقب الموعد الذي اتفق عليه المشاركون في منتدى الحوار السياسي المقام بتونس في 13 من نوفمبر العام (2020 )، وذلك في ظل إعلان المفوضية العليا للانتخابات في وقت سابق استعدادها بنسبة 80% لإقامة الانتخابات نهاية هذا العام تحت ضغط دولي كبير للالتزام بموعد الانتخابات المقرر.
ترصد فسانيا خلال هذا الاستطلاع توقعات الشارع الليبي حول مسار العملية الانتخابية المزمع إقامتها في 24 ديسمبر المقبل.
الانتخاب .. أقيام الساعة موعده؟
يرى ” ناصر الشريف : مسؤول بالتجمع الوطني فزان بالنظر للانتخابات من الناحية الفنية واستعدادات المفوضية العليا للانتخابات : ” أن الأمور تسير بشكل جيد وهناك عمل متواصل من طرف المفوضية ومكاتبها وخاصة أثناء فترة تحديث سجل الناخبين ، أما بخصوص عقد الانتخابات في موعدها 24 ديسمبر فمن المستبعد حدوثها على الأقل في نفس التاريخ ، و إذا تمت في ظل هذا التشنج الحاصل بين الأطراف السياسية قد يؤدي الأمر إلي تعقيد المشهد أكثر مما عليه الآن كما حصل في انتخابات العام 2014 حينما رفضت بعض الأطراف نتائجها.
و تحدثت ” سالمة ياقة مرشحة للانتخابات القادمة ” عن نظرة الشارع الليبي للانتخابات القادمة بقولها ” الشارع الليبي منقسم بين متفائل يرى أن الانتخابات ستجرى في موعدها خصوصاً مع دعم البعثة الأممية و بين متشائم يرى أنها خدعة و أن التمديد للحكومة محتوم في ظل توقعات حرب قد يشنها حفتر على الغرب الليبي.
و نوهت ياقة ” أن المواطن البسيط لا يهتم بالانتخابات ولا بالحكومات ، فكل همه لقمة عيشه و تحسين ظروفه الحياتية ، بحسب ملاحظتي لمجريات الأمور و معايشة الواقع ، و لكن لابد من إجراء بحث ميداني لتكون النتائج أكثر دقة و أكثر مصداقية.
الانتخابات الليبية وليدة الإرادة الدولية
يرى ميمون يوسف الشيخ ” مدرب في ريادة الأعمال وإدارة المشاريع” أن سير العملية الانتخابية في 24 ديسمبر سيتم في موعده المحدد وذلك لعدة أسباب أهمها جدية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في إنهاء الأزمة الليبية ، وهذا أمر مهم و إيجابي جدا .
أضف لذلك ترحيب جميع أطراف النزاع الليبي بالانتخابات ، فالأطراف المتنازعة في ليبيا والدول الداعمة لها توصلت لقناعة موحدة أن التدخل العسكري ليس حلاً ، وإنما يكمن الحل في الحوار والرجوع إلى الانتخابات.
طوق النجاة السياسي المنتظر !
و اعتبرت “حليمة الماهري ” إعلامية ومهتمة بالشأن العام أن ” العملية الانتخابية المقبلة هي بمثابة طوق النجاة الذي يتمسك به المواطن الليبي بكل ما أوتي من قوة ، فهو يأمل أن يجد قائمة مرشحين تنقذ الوضع من التشتت والانقسام الذي دام طويلا . و أشارت إلى أنه ” على عكس السنوات الماضية أصبح المواطن أكثر وعيا وحرصا على اختيار المرشح المناسب لإيصال صوته وحل المختنقات التي يعانيها ومعالجة المشاكل والقضايا التي يعايشها منذ أعوام .
و ذكرت أن ” إقبال المواطنين على التسجيل يرجع لإدراكهم ووصولهم لمرحلة النضج والوعي السياسي الذي نتج عن استفادتهم من التجارب السابقة ، ويتطلع المواطن لصدور قوائم المترشحين ليتمكن من التمعن في اختيار من يمثله خير تمثيل .
نوّاب يغتالون مشروع الانتخاب !
وأعربت ” إذا ما نظرنا إلى ميول بعض النواب وعلى رأسهم المستشار عقيلة صالح نلحظ التلويح المباشر لعرقلة الانتخابات المزمع عقدها في ديسمبر المقبل خصوصا عند اقتراب موعدها ، إضافة لطرح بند جديد يخول لمجلس النواب صلاحيات بتزكية المرشح للرئاسة من قبل (20) نائبا ، وهذا الأمر _من وجهة نظري _ مماطلة واضحة وانتهاك صارخ لحقوق المواطن وعرقلة للعملية الانتخابية ومحاولة لجر الدولة إلى المزيد من الانتهاكات والنزاعات المسلحة ،لصالح أطراف أخرى محسوبة على تكتلات مناطقية أدخلت البلاد في دوامة
اللا استقرار.
كما وصف “عيسى بشير / مهتم بالشأن العام ” قلق الشارع الليبي من مسار العملية الانتخابية ، فالمؤشرات تدل على أن هذه العملية متعثرة بشكل كبير ، خصوصاً أنْ ليس هنالك قانون انتخابي واضح ، كما أنّ الحكومة التي من المفترض أنها تجهز لهذه العملية بشكل جيد تلعب دورا معرقلا للعملية ، كما نشهد في مسألة اعتماد الميزانية ، حيث اجتازت الحكومة أكثر من نصف عمرها الافتراضي دون اعتماد الميزانية المهمة جداً في تجهيز أماكن الاقتراع للمواطنين .
الغموض سيد المواقف !
وتابع بشير قوله: ” تواجه المفوضية العليا للانتخابات الكثير من الأمور المعرقلة لنشاطها ،فمن المفترض أن يكون هنالك حملات أكبر ودعاية أشمل أثناء مرحلة التسجيل ، و لكن العمل في تلك المرحلة كان ضعيفا” ، كما يفترض نشر البيانات بشكل تفصيلي ، دقيق و واضح للعاملين والمؤسسات و الأشخاص المشاركين، و لكن البيانات ظلت رقمية فقط ، و لم تكن شفافة بحيث تبين بشكل واضح الأعداد بتصنيفاتها المكانية و النوعية.
وللمزيد من التوضيح بيّن بشير : لقد تم ذكر المناطق التي تعتبر أقل إقبالا” من حيث نسبة الشباب المسجلين ، وتم إغفال أن كل البيانات مهمة للمؤسسات والأشخاص الذين سيشاركون بالعملية الانتخابية ، لأنها تحقق مصداقية الرقابة على هذه الانتخابات التي أراها في الواقع مبهمة سواء كانت رئاسية أو برلمانية ، أو كلاهما معا.
و يقول “محمد السنوسي ” ناشط مدني ” إلى الآن الوضع غير واضح، فلم يصدر قانون ينظم العملية الانتخابية ، ومن ناحية أخرى ظهر مؤخرا” ضعف الحكومة فهي بالكاد تفرض سيطرتها على بعض البلاد ، وبالتالي قد يصعب عليها إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، خاصة أن هناك أطرافا تظهر مؤشرات مقلقة بعرقلتها للانتخابات البرلمانية.
السيدات جديرات بالانتخابات القادمة!
أعربت أميرة نوري ” مدربة في مجال المناظرة وناشطة مدنية ” إني كشابة ليبية أتطلع لأن يتم إصدار قانون انتخابات أولاً بعد اعتماد القاعدة الدستورية ، وأرى أن تمدد انتخابات ديسمبر الجاري لما بعد موعدها ، من أجل إعطاء فرصة أكبر للتوعية وزيادة عدد المسجلين ، و أرجو أن تكون هناك مشاركة شبابية أكبر في هذا الحدث من سابقه ، وأن يقود الشباب هذه الانتخابات ، وأن تحفل بمشاركة أكبر عدد من النساء المترشحات لمقاعد الانتخابات، كما آمل أن تحظى النساء ذوات الكفاءة بدعم أكبر من أجل الفوز بمقاعد خلال الانتخابات القادمة مهما كان نوعها .
بوادر أمل في الموعد الانتخابي المحدد
و أفاد ” العربي محمد شاويش” رئيس منظمة سما للتنمية والسلام ” أتوقع أن تكون الانتخابات في 24 ديسمبر كما خطط لها ، وفي الموعد المحدد بناء على عدة معطيات ، إنّ المشهد السياسي قد يكون مربكا قليلاً ولكننا نرى بأن العديد من الأحزاب السياسية و الواجهات السياسية تبدي استعدادها لهذه الانتخابات بكل ما تمتلك من قوة، وهناك كم كبير من السياسيين مرشحون و مؤيدون لسير العملية الانتخابية في 24 ديسمبر.
ونوه أيضا ” من الجانب العسكري شاهدنا فتح الطريق الساحلي ، وهذا الأمر يدل على أن الجانب العسكري مساند لسير العملية الانتخابية والتحول السياسي نحو إجراء الانتخابات في موعدها المحدد.
إن الانتخابات حق مشروع لكل الليبيين ونحن لسنا راضين عن الأشخاص المتواجدين في الساحة السياسية و نطمح إلى ضخ دماء جديده شابة لهذا المشهد السياسي المهترئ.
و تعتقد محبوبة أحمد “مواطنة ” هناك ضغط من الشارع الليبي لأجل إقامة الانتخابات في موعدها ، ولذا سيتحقق ذلك وفق إرادة الشارع في ظل التحضيرات الرهيبة على حد تعبيرها من قبل المرشحين، وبرامج بناء القدرات اللازمة من قبل مؤسسات المجتمع المدني.
و يرى ” محمد المهدي ايلهداء ” مواطن ومهتم بالشأن العام “طبعا من وجهة نظري المتواضعة أرى أن الانتخابات سوف تجرى في موعدها المحدد نظرا لعدة أمور : أولها الشعب الذي يطمح للاستقرار في الدولة الليبية ، وأيضا ضغط بعض الدول العظمى التي لها مصالح مشتركة مع ليبيا والتي لن تستفيد إلا باستقرارها ، ورغم محاولة بعض الأطراف عرقلة العملية الانتخابية بأي شكل إلا أنّ إرادة الشعب ومصالح الدول الكبرى سوف تكون بالمرصاد.
و تابع ” بالنسبة لسير العملية الانتخابية مقارنة بكل الانتخابات الماضية فهي تسير بشكل فعال وواضح بنسبة كبيرة وهذا بسبب ما ذكرته، فلا ملاذ للشعب والحكومات المتصارعة على السلطة إلا إجراء الانتخابات واستقرار الدولة لتجني الدول الكبرى مصالحها .
سراق الأرقام الوطنية ولصوص الانتخابات !
من جهة أخرى نفت المواطنة “مريم أحمد عبدالله ” بأن تكون هناك انتخابات ناجحة ، والدليل على ذلك أن عدد الناخبين المسجلين في المنظومة لا يتجاوز 3 مليون ناخب ، فلا يوجد إقبال على هذه الانتخابات حتى وإن أجريت في موعدها المحدد.
و أوضحت بأنّ ” هناك العديد من الخروقات التي حدثت في فترة التسجيل ، ومنها سرقة الأرقام الوطنية و التسجيل دون علم المواطنين ، وهذا الأمر قد حدث معي شخصيا ، فقد تم سرقة بياناتنا العائلية و تم التسجيل بأرقامنا الوطنية ، و تبين بأنه قد تم التسجيل بالمنطقة الغربية .
وأردفت : إن كانت هناك مصداقية لما حدثت كل هذه الخروقات ، فمن المفترض أن تتدارك المفوضية هذه الأمور و تبحث عن آلية تعالج و تتفادى بها هذه السرقات الشائنة ، كما أن الشعب يحتاج إلى التوعية والتثقيف حول الانتخابات .
الحذر من شرخ الوثيقة الدستورية و ما وراء الانتخابات !
أفاد ” خليفة سيدي علي مواطن” إن ّحكومة الوحدة الوطنية تسعى للتمديد في حالة لم يتم اعتماد بند الطوارئ والتنمية ، وفي ذات الوقت ضغط كل من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي دافع نحو الاستحقاق الانتخابي ، وتظل لدى الشريحة القارئة للمشهد الليبي بتمعن مخاوف من المشهد الذي سيلي الانتخابات ، وليس الانتخابات نفسها ، متضمنا” ما سيحدث من شرخ في الوثيقة الدستورية أو القاعدة الدستورية في ظل عدم وجود دستور يحمي المواطن و الدولة ويعطيه حقه .
ختاما” ” رغم اختلاف الآراء و التوقعات حول إقامة الانتخابات في موعدها أو تأجيلها ، إلا أن الجميع يتفق على أهمية إنجازها في موعدها ، فالانتخابات تظل طوق نجاة المواطنين الليبيين ، و سبيلهم الوحيد للانتقال من مرحلة اللا دولة الفوضوية إلى دولة مدنية قائمة بمؤسساتها .