ماهية الأموال العامة ونطاق الحماية القانونية لها

ماهية الأموال العامة ونطاق الحماية القانونية لها

المستشارة القانونية : فاطمة درباش

 نص المشرع الليبي في قانون الجرائم الاقتصادية على أنه”يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل موظف عام اختلس أموالاً عامة أو أموالاً للأشخاص مسلمة إليه بحكم وظيفته أو ادعى ملكيتها أو ملكها لغيره وتكون العقوبة حد السرقة إذا توفرت شروطه. يعاقب بالسجن كل موظف عام استولى بدون وجه حق على مال عام”.

إن المحافظة على المال العام صفة جليلة تجمع بين الأمانة والمراقبة، وهي من أجل القيم الوظيفية التي يجب أن يتحلى بها المسلم امتثالاً لقول الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» (الأنفال: 27)؛وقد عرف المال العام في الشريعة الإسلامية بأنه (كل ما ثبت عليه يد المسلمين في بلادهم، ولم يتعين مالكه بل هو للمسلمين جميعا).كما عرف بأنه ( المال الذي لايدخل في الملك الفردي وإنما هو لمصلحة العموم ومنافعهم).

عرف البعض  المال العام بأنه (المال المملوك للدولة سواء كان مملوكا ملكية عامة تمارس عليه الدولة سلطتها بصفتها صاحبة السلطة العامة، أو مملوكا لها ملكية خاصة ويخضع لقواعد القانون الخاص.

كما عرف بأنه( مجموعة من الأموال التي تعود إلى السلطة العامة).

إن أغلب تعاريف الأموال العامة أو جميعها تشترط في المال العام أن يكون عائدا للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة لكي يعد مالا عاما.

اشتراط تخصيص المال للمنفعة العامة؛ بالتالي نخلص إلى أن الأموال العامة هي (الأموال المنقولة والثابتة المملوكة للدولة أو الأشخاص المعنوية العامة والتي تخصص للمنفعة العامة).وهذا ما استقر عليه الفقه والقضاء.

الأموال العامة أموال مخصصة للمنفعة العامة وتخصيصها لهذا الغرض يقتضي أفرادها بأحكام خاصة تكفل حمايتها من كل اعتداء قانوني أو مادي يمكن أن يعطل تحقيق الغرض منها.

إذ يضفي المشرع في مختلف دول العالم حماية خاصة للأموال العامة نظرا لكونها تعم لنفع المجتمع ككل ،ويتوقف على حمايتها وصيانتها استمرار عمل المرافق العامة بشكل منتظم ومطرد  لخدمة المواطنين.

وتتعدد صور الحماية فمنها ماورد في القانون المدني ومنها ما تضمنه قانون العقوبات ومنها ماورد في صلب مشروع  الدستور.

فهناك عدة قيود ترد على المال العام منها عدم جواز التصرف في المال العام، وعدم جواز الحجز على الأموال العامة،عدم جواز اكتساب المال العام بالتقادم.

بالتالي فإن الحماية القانونية للأموال العامة في الدولة يعتبر من أهم الموضوعات التي تعمل على تحسين وتطوير الكيان الاقتصادي الإداري في الدولة، أما عن كيفية حماية المال العام فالحماية الإدارية تقتضي ضرورة التزام الموظفين بالحفاظ على المال العام وصيانته، والتزام الأفراد مستعملي هذا المال عدم الاعتداء والإضرار به أثناء استعماله. أما الرقابة المالية فتمارس من خلال منظومة قانونية ومؤسسات رقابية دورها ضمان حسن تحصيل المال العام وإنفاقه.

 تحتاج الدول أموالا لكي يسهل على المرافق الإدارية في الدول السير بانتظام لكي تحقق الصالح العام وخدمه الدولة والأفراد،كون المال العام هو الوسيلة لتحقيق الغرض بالشكل اللازم ،وحماية الأموال العامة قانونًا من أهم الوسائل التي تحافظ على استمرارية و ديمومه المرافق الإدارية في خدمة الصالح العام أو تحقيق النفع العام.

لذلك اتجه التطور نحو جعل حماية المال العام ترتقي إلى مرتبة النص الدستوري.

أما عن أهمية التفرقة بين المال العام والمال الخاص فتظهر أهمية التمييز بين هذين النوعين من الأموال في أن الأموال العامة لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم – فالأموال العامة تخضع لنظام قانوني متميز عن النظام القانوني الذي تخضع له الأموال الخاصة للإدارة وهو نظام القانون العام.

ونجد أهم مظاهر حماية الأموال العامة كما ذكرنا أعلاه عدم جواز التصرف فيها، وهذه الميزة في المال العام نتيجة حتمية لازمة للقول بتخصيصه للمنفعة العامة ، إذ بدونها لايتحقق للانتفاع العام بالأموال العامة ما يجب له من الثبات واستمرار فيمتنع تبعا لذلك على جهة الإدارة أن تنقل مالًا عامًا إلى ذمة أحد الأفراد أو إلى أشخاص القانون الخاص بشكل عام.

أما عن المسؤول على المال العام كل وزارة، أو مصلحة عامة، أو مؤسسة عامة، أو هيئة عامة، أو ما في حكمها.

المال العام هو المال غير الداخل في ملك الأفراد، وإنما يخضع للمصلحة العامة، وذلك مثل المدارس والجامعات والمستشفيات، والأموال العامة ثلاثة أنواع: ما هو مخصص بذاته لمصالح العامة ومنافعهم الدينية، كالمساجد والمقابر والطرق. ما هو مخصص للاستغلال لإحياء جهة عامه بموارده وغلته، وهو ما يعرف بأملاك الدولة،فجريمة الاختلاس والسرقة وخيانة الأمانة والنصب تعد جريمة النصب من جرائم الاعتداء على المال، وتعرف هذه الأخيرة بأنها الجرائم التي تنال بالاعتداء أو تهدد بالخطر الحقوق ذات القيمة المالية.

إن غياب الأموال العامة يجعل أجهزة الدولة ومرافقها المختلفة عاجزة عن القيام بمهامها المنوطة بها، فالأموال العامة تشكل عصب الحياة المالية، ومحرکها الأساسي للقيام بمهامها ووظائفها.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :