- المستشارة : فاطمة درباش
يقوم القرار الإداري على عناصر أساسية إذا لم يستوفها يكن معيباً أو غير مشروع , وقد درج الفقه والقضاء على أنه يلزم أن يتوافر للقرار الإداري باعتباره عملاً قانونياً خمسة عناصر لينتج آثاره ويكون صحيحاً هي :السبب الاختصاص , الشكل , المحل , الغاية.وبالتالي فإنه
يلزم لصحة القرار الإداري من الناحية النظامية أن يستجمع أركاناً خمسة كالتالي: الاختصاص، والشكل، والسبب، والمحل، والغاية؛ وبناء على ذلك يتعيب القرار الإداري ويكتسي بعدم المشروعية حال انتفاء أحد هذه الأركان.
يعرف ركن الاختصاص في القرار الإداري على أنه القدرة القانونية على مباشرة عمل إداري معين، فالقرار الإداري يجب أن يصدر عن تلك الجهة التي خولها القانون الاختصاص بذلك، وعرف الفقه الإداري عيب عدم الاختصاص بأنه: عدم القدرة على مباشرة عمل قانوني معين جعله المشرع من اختصاص سلطة أو هيئة، فالمشرع يوزع الاختصاص لدى الأجهزة الإدارية، ويراعي ذلك المستويات الوظيفية.
ركن الاختصاص أحد أهم الأركان الرئيسية في القرار الإداري، ويترتب على تخلفه تعييب القرار الإداري بعيب مستقل يسمى عيب عدم الاختصاص، وهو العيب الوحيد المتصل بالنظام العام، ويتسم القرار بهذه الصفة لصدوره عن غير السلطة المخولة قانوناً بإصداره، وقد تناولنا في هذا البحث مسألة كيفية تحديد الاختصاص، وبيان الحدود الزمنية.
عيب عدم الاختصاص الجسيم أو ما يسمى باغتصاب السلطة فإنه يقضي على الصفة الإدارية في القرار ويعدمه بل يجعله مجرد عمل مادي وهو ما يطلق عليه بالقرار المنعدم، ويمثل عيب اغتصاب السلطة أغلب حالات الانعدام في القرار الإداري؛والقرار الإداري الذي يصدر من لا يملك حق إصداره، ولا يملك القدرة القانونية على ذلك، يكون مصيره البطلان. وقد استقر القضاء والفقه الإداري على أنه من يملك بعمل قانوني معين، هو من يملك نقض هذا العمل، فالاختصاص بمنح ترخيص معين يقتضي ضمنا الاختصاص، بسحب هذا الترخيص إلا أن هذه القاعدة غير مطلقة.
إن على القاضي الإداري التصدي لعيب عدم الاختصاص في كل وقت، وفي أي مرحلة من مراحل التقاضي، حتى لو لم يثره أحد الخصوم، وذلك كسبب من أسباب إلغاء القرار الإداري، وذلك كون ركن الاختصاص مرتبط بالنظام العام.
الاختصاص يتحلل إلى أربعة عناصر وهي الاختصاص الشخصي ، الاختصاص الزماني،الاختصاص المكاني،الاختصاص الموضوعي .
ففي إطار القانون العام والقانون الإداري على وجه الخصوص تتمتع الإدارة أو من في حكمها بأحقية تغيير الوضعيات والمراكز القانونية بإرادتها المنفردة، دون الحاجة إلى ضرورة موافقة بقية الأطراف، وهذه الصفة هي امتياز أساسي فرضه المشرع لضرورة استمرارية المرافق العامة، والسلطة تمارس تلك الصلاحيات عبر ما يسمى بالقرار الإداري، الذي يعبر عن إرادة الإدارة المنفردة ، وحتى لو اختلفت الجهات المصدرة للقرار وتعددت فإنها في نهاية الأمر تعبر عن إرادة الإدارة أو المشرع.
إذاً تعريف الاختصاص يمكن أن يعبر عن السلطة المسندة أو التي يعهد بها إلى السلطة الإدارية بمقتضى القانون. حيث تستمد الجهة الإداريةاختصاصها بإصدار القرار الإداري من القانون الذي يحدد ذلك الاختصاص بالقرار وضوابط إصداره،فالاختصاص يعني أن صلاحية السلطة الإدارية في اتخاذ القرار الإداري لا تتم إلا ضمن النطاق المحدد قانونا، سواء من الناحية المادية أو من حيث الزمان والمكان. إلا أن هذه القاعدة يتم خرقها أحيانا في شكل استثناءات على مبدأ الاختصاص؛المبدأ في القانون العام، هو أن السلطة الإدارية صاحبة الاختصاص لا تتصرف فيه بوصفه حقا، مما يتوجب عليها أن تمارسه شخصيا وهذا هو الأصل، إلا أنه قد تقع هناك استثناءات على هذا المبدأ نظرا لكثرة الاختصاصات وتشعبها حيث يتعذر على السلطة الإدارية المعنية القيام بكل تلك الاختصاصات ما يجعلها تفوض البعض من تلك الاختصاصات لغيرها من السلطات.
والتفويض هو نقل اختصاصات سلطة معينة إلى سلطة أخرى وفق شروط محددة بنص قانوني،أما الاستثناء الثاني بعد التفويض فهو
الحلول وهو أن تحل سلطة معينة محل أخرى وفق شروط وشكليات محددة قانونا،حيث يحصل مانع للسلطة الأصلية المكلفة باتخاذ قرار إداري، أو حين تمتنع عن القيام بذلك، وتكون للجهة التي تحل محل غيرها نفس السلطات بخلاف ما عليه الحال في التفويض، وهو يتم بقوة القانون ولا يحتاج إلى قرار خاص وصريح.
فالتشريع يعتبر مصدرًا مباشرًا لممارسة الاختصاص بإصدار القرار الإداري، فالسلطة الإدارية تستمد اختصاصها بإصدار القرارات الإدارية من النصوص التشريعية، كالدستور والقوانين أو من المبادئ العامة للقانون وكذا الاجتهاد القضائي.
يعد ركن الاختصاص في القرار الإداري ذا أهمية خاصة لتأثيره على العمل الإداري، فهو الصلاحية التي تتمتع بها السلطة الإدارية ولا تستطيع السلطات الإدارية اتخاذ أي قرار إداري إلا إذا كان هذا القرار داخلاً في اختصاصها، وحيث إن ركن الاختصاص يتعلق بالنظام العام أي لايجوز الاتفاق على مخالفته لتعلقه بحقوق وحريات الأشخاص، ويمتلك القاضي الإداري حق التعرض لعناصره من تلقاء نفسه في حالة الطعن على القرار الإداري،
وعيب عدم الاختصاص الجسيم يؤدي إلى انعدام القرار وبطلانه بطلاناً مطلقاً واعتبار القرار الإداري معدوماً ولا يتقيد بمدة ستين يوماً لدعوى الإلغاء ولا يكتسب حصانة.
نخلص إلى أن القرار الإداري لكي يقوم صحيحا لابد وأن تتوفر فيه أركانه الأساسية – تحت طائلة فقده لطبيعته القانونية فيكون قرارا غير مشروع – والأركان الواجب توفرها في ركن الاختصاص شكلية منها وموضوعية، فإذا كان ركن السبب والمحل والغاية تعتبر أركانا موضوعية، فإنه لابد وأن يصدر القرار في شكل معين وعن جهة مختصة قانونا بإصداره، إذا كانت النصوص القانونية تحدد الجهات المختصة بإصدار القرار الإداري ونطاق اختصاصها، فإن مخالفة الجهة الإدارية لقواعد الاختصاص يجعل قرارها باطلا لخرقه تلك القواعد، هذا الخرق بشأن الاختصاص قد يتخذ شكل عيب بسيط للاختصاص أو اغتصاب للسلطة”عيب الاختصاص الجسيم”.