المستشارة : فاطمة درباش
الرأي العام هو وحده القادر دائماً على أن يكشف عما بالقانون القديم من نقص، ويعبر عما يحتاج إليه الجيل الجديد من إضافة أو تعديل أو حذف؛ فالقانون بحاجة على الدوام إلى تأييد من الرأي العام، ولذا فإنه كثيراً ما تتعرض القوانين التي لا تظفر بهذا التأييد إلى خطر الإلغاء في اللحظة التي يظهر فيها أن هذا القانون ضار بمصلحة من مصالح الجمهور، فالرأي العام يعتبر أصلا من الأصول التي يبنى عليها القانون والعكس قلما يصح؛حتى أن الرأي العام في الأمم المتحضرة يستطيع أحياناً أن يلغي قانوناً مكتوباً بنفس القوة التي استطاع بها أن يسن هذا القانون المكتوب.
حيث يعتبر الرأي العام أحد الآليات المهمة لحماية الحقوق والحريات ، فهو العامل الرئيسي لاحترام المبادئ الدستورية و طبعا لا يتسنى ذلك إلا إذا كان الأفراد على درجة من الثقافة والوعي بحيث يمكنهم التأثير على السلطة وجعلها تحترم حقوق و حريات الأفراد في الدولة ، حيث يشمل الرأي العام ، المجتمع المدني ، و الوسائل الإعلامية ، و الأحزاب السياسية.
الرأي العام هو المادة الخام الذي تعمل فيه العلاقات العامة، وحيث تسعى العلاقات العامة دوما إلى تنميته سواء فيما يتعلق بالنظم الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، كما تعمل على دراسته وتحليله، و معرفة طبيعته وكيفية تكوينها، وطرق التأثير فيها ولعل أهم سمات المجتمعات الحديثة الاعتراف بأهمية الشعوب، واعتبار الرأي العام الحكم النهائي في الشؤون العامة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ويمكن التأثير على الرأي العام من خلال العلاقات العامة ووسائل الإعلام السياسية، بالإضافة إلى ذلك، تستخدم وسائل الإعلام الجماهيرية مجموعة واسعة من تقنيات الإعلان لنشر رسالتها وتغيير عقول الناس. منذ الخمسينيات من القرن العشرين، كان التلفزيون الوسيلة الرئيسية لتشكيل الرأي العام.
ويجب أن نشير إلى أنه لا يترتب على مخالفة الرأي العام جزاءات قاسية كفقدان العضوية في المجتمع، لأن الرأي العام هو رأي الأغلبية فقط، ولهذا فإنه توجد أقلية دائما لا تتبنى وجهة نظر الأغلبية. فللرأي العام تأثير كبير على صناعة القرار. وهو ما يعطيه أهمية مغزى حقيقيا.. ولهذا فإن دراسة الرأي العام دون تتبع مسار تأثيراته على الحياة السياسية تعد مبتورة أو ناقصة تفتقر إلى مقومات الاكتمال والفهم الصحيح،والرأي العام يمثل ظاهرة معنوية ويجب الاعتراف به وبدوره وتأثيره في المجتمع.
كما أن الرأي العام يتأثر بالأحداث أكثر من تأثره بالأقوال إلا إذا تم تفسير هذه الأقوال على أنها أحداث،كما يتصف الرأي العام – شأنه في ذلك شأن الرأي الفردي – بأنه قد تلونهُ الرغبة أو الهوى.
فالرأي العام أكثر ملاءمة لنفسية الشعوب والأفراد من القانون، بل هو أكثر منه مرونة وأقدر على التعبير عن حاجات الناس، وهي الحاجات التي يسن من أجلها القانون في معظم الحالات، ونجد أن الرأي العام تثيره العواطف بينما القانون لا يأبه لهذه العواطف ولا تحكمه أو تؤثر فيه.