فسانيا : نيفين الهوني تونس : خاص هرقلة
في ليلة من ليالي الحلم الفني عاشت هرقلة الساحرة رؤية فنية محققة ، حيث احتضن ومسرحها الشامخ أمسية من الفرح الخالص، حيث قاد أوركسترا المشاعر فيها النجم اللبناني وائل جسار، فارس الغناء العربي الذي يرسم الحكايا بصوته، ويعزف القصائد على أوتار القلوب. ففي مساء 28 يوليو 2025، وبينما كانت المدينة تتهيأ لخلع عباءة النهار، لترتدي رداء مرصعا بالنجوم لتحرس قمرا سيطل كبدر منير ، وفيما كانت مقاعد المسرح تمتلئ رويدًا رويدًا بجمهور جاء من كل حدب وصوب، يحمل في قلبه ترنيمة عشق سيرددها حين يلتقيه انطفأت الأضواء مع تمام العاشرة، لتضاء القلوب بنبض الانتظار.

ودوّى التصفيق كالموج المتكسر على الصخور، إيذانًا بقدوم صاحب الحنجرة المخملية. ليهدى جمهوره باقة من أغنياته المعروفة بعد أن قال: “أنا فخور أن أكون أول فنان عربي يفتتح هذا المهرجان في دورته الأولى، وجمهور تونس بالنسبة لي كورال حيّ يردد قلبي قبل أن يردد صوتي ثم وعد جمهوره بأغنية باللهجة التونسية قريبا “، لتتعالى صيحات فرح الجمهور و من ثم أنطلق الحلم وانطلقت أولى اغنياته في الحفل “مهما يقولوا” ثم “كل وعد” التي داعب مشاعر الحضور و”غريبة الناس و توالت الأغنيات “مشيت خلاص “و”موجوع” و”خسرت كل الناس و”مليون مرة أحبك”، و”بدي شوفك كل يوم”، و”يا روحي غيبي”، و “عمري كله”، واستخرجت هذه الباقة من ذاكرة القلوب كل الحكايا كلمة بعد كلمة ونغمةً أثر نغمة. و صدح جسار بـ “زي الهوى”و “ألف ليلة وليلة”. وكانت “وحياتك يا حبيبي” في خاتمة ذهبية لقصة حب استمرت أكثر من ساعتين. وفي تحية محبة صدح وائل جسار مُحييًا جمهوره في هرقلة بأغنية محمد الجاموسي “أصل الزين في العينين يا سمراء”، وأمتع الجمهور بإحساسه ونطقه السليم للهجة التونسية ورغبته الأكيدة في التعبير عن محبته لتونس في رسالة واضحة للجمهور الذي حضر ليحلق طربًا ويعيش حلما ويبادله حبا بحب .

أما فعاليات الدورة الأولى من مهرجان هرقلة الدولي فانطلقت بمدينة هرقلة الساحلية بمحافظة سوسة، في الفترة من 17 يوليو وتستمر حتى 15 أغسطس 2025.ويضم المهرجان عروضا أخرى مثل عرض “سي المهف” و”كازو” وعرض جماعي بعنوان “هرقلة تغني” والفنانة إيمان الشريف والفنان السوري الشامي والفنان التونسي نور شيبة وعرض فنان الراب “نوردو” وعرض “اركز هيب هوب” و رؤوف ماهر ويختتم المهرجان بالحفل الختامي مع الفنان بلطي وقد افتتح بأمسية مفعمة بالروحانية: بعرض “الزيارة”، بقيادة المايسترو سامي اللجمي الذي استخدم فيها الدفوف و مزج بين آلات الجاز والفلامنكو ، والجميل في رؤية المهرجان ومضمونه الثقافي أنه تنوع بين فني وثقافي: وجمع بين العرض الصوفي، الطرب الكلاسيكي، الهيب هوب، والراب. وضم كملتقى عربي تونسي نجوم من تونس، لبنان، وسوريا، فجاء في نسخته الأولى كنافذة تنوع وانفتاح ثقافي جمع بين الروح العصرية والهوية التراثية: فمهدت منصة هرقلة الفنية طريقًا للحفاظ على الإرث التراثي مع تجديد صوتي بصري عصري امتزج فيه التراث مع التجديد ..رحل الجسار عن الركح، لكن صدى صوته ظل يرفرف في سماء هرقلة، يختلط بأصوات الموج ويرافق المارة على الشاطئ حتى الفجر. لقد كان الحفل أكثر من أمسية غنائية، كان وعدًا بالعشق، وميثاقًا للطرب، وعناقًا بين الروح والصوت ففي تلك الليلة، أيقنت هرقلة أن الأغنية الحقيقية لا تموت، وأن الحب حين يُغنى بصوت وائل جسار، يتحول إلى أسطورة تُروى للأجيال القادمة فإذا كانت الأمواج تحفظ أسرار العشاق، فإن هرقلة ستحتفظ بسر هذه الليلة طويلًا. أما وائل جسار، فقد نقش اسمه في قلب المدينة كما تنقش الأمواج قبلتها على رمال الشواطىء… ثم تمضي.














