فسانيا / زهرة موسى.
منذ طفولتها كانت تجد متعتها في الرسم والخط، تحلم أن تزين الجدران بالألوان والأشكال، لكن الظروف المعيشية الصعبة دفعتها إلى ترك مقاعد الدراسة مبكرًا، لتجد نفسها أمام خيار واحد أن تبحث عن مهنة تمنحها مصدر دخل وتحافظ في الوقت نفسه على شغفها القديم.
“مبتسمة المجبري ” فتاة ثلاثينية امتهنت مهنة ” طلاء و تشطيب جدران المنازل ” تلك المهنة التي يعتبرها الكثيرون أنها حكرا على الرجال ، و لكنها استطاعت أن تثبت نفسها في المجال واليوم أصبح لديها زبائن و صنعت لها اسما معروفا.

البداية من الجدران البسيطة في بيتها.
” تقول إن البداية كانت من بيتها، حين بدأت تتعلم أسرار المهنة على يد شقيقها الذي كان يعمل في هذا المجال خطوة بخطوة، علّمها كيف تستخدم “الرولة” وكيف تسحب “الستوك” على الحائط، ثم كيف تصنع ديكورات الرخام وتغلق الشقوق الصغيرة بالجص والمعجون. كانت تجلس ساعات طويلة تتدرب على جدران بيتها، قبل أن تثق بنفسها وتخرج لتجرب يدها في بيوت الآخرين.

شغف بالفن تحول إلى مهنة.
بعد أربع سنوات من العمل، باتت مبتسمة تجوب البيوت والمناطق القريبة، تنجز أعمالها برفقة إخوتها وأمها وبنات إخوتها. لا ترى في الطلاء مجرد مهنة، بل فنًا وإبداعًا تمنحه لمسة خاصة. فهي تدقق في التفاصيل الصغيرة على الجدران، وتتعامل مع كل عمل كما لو كان لوحة تشكيلية.

انتقادات زادتها عزيمة.
ورغم الشغف، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، فقد واجهت انتقادات كثيرة من المجتمع، الذي اعتاد أن يرى هذه المهنة حكرًا على الرجال. كانت تسمع تعليقات مثل: “كيف لبنت أن تعمل في هذا المجال؟!” أو “هذا العمل صعب عليك”.
قلة ثقة.
أما أكثر المواقف قسوة، فحين أنجزت عملًا لإحدى الزبونات، لكنها استعانت بعد يومين بعامل آخر أفسد ما فعلت، وكأنها لم تثق بقدرتها. ورغم مرارة التجربة، رفضت مبتسمة أن تستسلم، بل رأت فيها حافزًا لتثبت أن عملها نظيف ومتقن حتى وإن كانت إمكانياتها بسيطة.

الحلم ” ورشة خاصة تقودها النساء”.
اليوم، تحلم مبتسمة بفتح ورشة خاصة بها، تجمع فيها نساء أخريات يشاركنها الشغف ذاته فتقول: عادةً أذهب مع أمي وبنات إخوتي لإنجاز الأعمال، وبعد الانتهاء أسلّم المفتاح لأخي، لكنني أتمنى أن أجد بنات يشاركنني هذا المجال، لأنني في الغالب أعمل بمفردي”.
فرص تدريب و استقطاب للنساء
تفكر مبتسمة في فتح فرصة تدريب للفتيات اللواتي يرغبن في دخول هذا المجال، مؤكدة أن إصرار المرأة على العمل يصنع الفرق حتى في المهن التي يراها المجتمع “رجالية”.
مبتسمة وهي تتحدث عن حلمها تؤكد أن فرشاة الطلاء بيدها ليست مجرد أداة عمل، بل وسيلة لإثبات قدرتها على تغيير الصورة النمطية.














