قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن القوات الموالية لـ”حكومة الوفاق الوطني” (حكومة الوفاق)، المدعومة من الأمم المتحدة، هاجمت قاعدة عسكرية وأعدمت ما لا يقل عن 30 جنديا أسيرا. أخبر مسؤول في المستشفى وشهود عيان هيومن رايتس ووتش إن جنود اللواء 13، التابعة لوزارة دفاع حكومة الوفاق، هاجمت القاعدة في براك الشاطئ، جنوب ليبيا، في 18 مايو/أيار 2017 وأعدمت أفرادا من قوات اللواء 12 من “الجيش الوطني الليبي” (الجيش الوطني).
أمر رئيس مجلس حكومة الوفاق بإجراء تحقيق وتعليق عمل وزير الدفاع فيها وقائد الكتيبة المسؤولة عن الهجوم. يشكل الإعدام بإجراءات موجزة لمن أُلقي القبض عليهم أو استسلموا جريمة حرب. قال إريك غولدستين، نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “على حكومة الوفاق الوطني الإيفاء بوعدها بالتحقيق في الادعاءات القائلة إن قواتها أعدمت قوات معارضة التي تم القبض عليها سابقا . على السلطات توجيه رسالة قوية مفادها أنه لن يتم التسامح مع هذه الجرائم – إذا كانت الادعاءات صحيحة، يجب محاكمة المسؤولين”. لا يعترف الجيش الوطني بسلطة حكومة الوفاق، ويدعم بدلا عنها السلطات المنافسة لها في الشرق.
قال مسؤول كبير في المستشفى الرئيسي في براك الشاطئ لـ هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف إن المستشفى استلم 75 قتيلا اعتبارا من تاريخ 19 مايو/أيار، جميعهم بالغون باستثناء صبيين يبلغ عمرهما حوالي 15 عاما؛ 30 منهم تقريبا عسكريون. قال المسؤول إن جميع القتلى العسكريين لقوا مصرعهم نتيجة إصابتهم بطلقات نارية و أصيبوا جميعا برصاصة في الرأس. قال أيضا إن 5 جثث وصلت المستشفى وأيديها مقيدة، و6 جثث مشوهة بطريقة توحي بأن رؤوسها دُهست بسيارة. قال المسؤول إن المستشفى لم يستلم أي جرحى من الهجوم، ولا ضحايا من اللواء 13. نقلت تقارير إخبارية عن متحدث باسم الجيش الوطني قوله إن 141 شخصا لقوا مصرعهم.
تحدثت هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف في 19 مايو/أيار مع عضو في اللواء 12 التابعة للجيش الوطني نجا من الهجوم، وعضو في “جمعية الهلال الأحمر الليبي” في براك الشاطئ، ومتحدث باسم اللواء 13. كما استعرضت هيومن رايتس ووتش أيضا صورا ومقاطع فيديو شاملة تتعلق بالاشتباكات.
تقع قاعدة براك الشاطئ العسكرية تحت سيطرة اللواء 12 التابعة للجيش الوطني بقيادة الجنرال خليفة حفتر. كما كانت قوات من اللواء 10 التابعة للجيش الوطني متواجدة خلال الاشتباكات. يتحالف الجيش الوطني مع الحكومة المؤقتة ومجلس النواب الموجودين في مدينتي البيضاء وطبرق الشرقيتين، وتعد الحكومة المؤقتة هناك إحدى 3 حكومات تتنافس على الشرعية والاعتراف الدولي والسيطرة على الأراضي الليبية. اشتبكت قوات الجيش الوطني الليبي في الجنوب في نزاع مسلح مع الكتيبة اللواء 13، وهي تحالف لجماعات مسلحة تضم “القوة الثالثة” من مصراتة، و”سرايا الدفاع عن بنغازي”، وعدة جماعات مسلحة من الجنوب. يترأس اللواء 13 المهدي البرغثي، وزير الدفاع في حكومة الوفاق. حكومة الوفاق، التي تتخذ من طرابلس مقرا لها، هي الحكومة الليبية الوحيدة التي يعترف بها مجلس الأمن الدولي.
بحسب جندي اللواء 12 الشاهد على الهجوم (طلب عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام) فقد شن عناصر من اللواء 13 المتمركزة في قاعدة تمنهنت الجوية القريبة، 60 كم، هجوما مفاجئا حوالي الساعة 9:30 صباحا. قال شاهد العيان إن المهاجمين المدججين بالسلاح، بينهم مقاتلون تشاديون، وصلوا في قافلة كبيرة من عربات مدرعة سوداء. قال الجندي، الذي كان في البوابة الرئيسية مع حوالي 9 جنود آخرين من الجيش الوطني الليبي، إن المهاجمين خرجوا من سياراتهم وأطلقوا النار على القاعدة. رد جنود الجيش الوطني النار لكنهم لم يبدوا مقاومة تُذكر بمجرد أن هاجم المهاجمون القاعدة. انسحب اللواء 13 بعد 5 أو 6 ساعات من وصولها آخذةً سجناء معها. قال الجندي الذي كان يختبئ خلال الهجوم تحت سيارة قد انقلبت إنه شاهد 9 من رفاقه يُعدمون: رأيت المهاجمين يقبضون على 9 من رفاقي كانوا يهربون معي من البوابة الرئيسية. نُزع سلاحهم وصُفوا بجانب بعضهم وهم راكعون، ثم أرداهم المهاجمون قتلى بالرصاص. عندما كانوا راقدين صرعى على الأرض، أطلق المهاجمون النار عليهم فرديا في الرأس صارخين، “يا مرتدون، يا أعداء الله”.
قال الجندي إنه لم يبدُ أن هناك مقاومة كبيرة في القاعدة، لكنه تمكن من سماع إطلاق نار متقطع يعتقد أنها “إعدامات”. قال إن 1 أو 2 من رفاقه نجيا عبر الاختباء بين القتلى، لكن قتل المهاجمون جميع العسكريين الذين لم يختبئوا أو يهربوا. قال إنهم قتلوا أيضا طهاةً مدنيين وعمال وعاملين في المجال الطبي، لكنهم لم يؤذوا المحتجزين لدى الشرطة العسكرية في القاعدة. قال الجندي إن المهاجمين تسببوا في دمار كثير ونهبوا السيارات والمعدات العسكرية والأسلحة.
ذكر مسؤول المستشفى أن الجثث الـ75 التي تم استقبالها تضم عاملَين مهاجرَين من النيجر كانت مهمتهما تفريغ شاحنات الطعام في القاعدة. قال إن من القتلى مدنيان اثنان غير مرتبطين بالقاعدة قُتلا على الطريق. قال إن الأقارب الذين رافقوا الضحية الأولى للمستشفى أخبروه بأنه قُتل بالرصاص أمام عائلته. أما الآخر، وهو سائق شاحنة، فقد تلقى رصاصة في الرأس وكُسرت ذراعاه. قال مسؤول المستشفى إن القوات المنسحبة أشعلت النيران في مستودع للمواد الغذائية وبعض الشاحنات. أضاف أن الضحايا غير العسكريين لقوا مصرعهم بالرصاص، لكن لم يُطلق الرصاص على رؤوسهم على غرار عمليات الاعدام ، على عكس الضحايا العسكريين.
راجعت هيومن رايتس ووتش ما لا يقل عن 80 صورة ومقطع فيديو يبدو أنها تُظهر هجوم 18 مايو/أيار، وبدت أنها تدعم تصريحات الشهود حول الحادث. أظهرت الصور بشكل أساسي رجالا قتلى، بعضهم يرتدي زيا عسكريا، مع ما يبدو أنه جرح ناري واحد في مقدمة الرأس لدى العديد. يُظهر مقطع فيديو واحد مجموعة من 4 معتقلين تابعين للجيش الوطني من قاعدة براك الشاطئ الجوية مكبلين في الجزء الخلفي من شاحنة صغيرة ومعصوبي العينين بينما يمنحهم مقاتلون، يبدو أنهم من اللواء13 ، الماء للشرب وهم يتحدثون عما حدث في القاعدة.
يُظهر فيديو آخر، صُوّر من داخل سيارة، قافلة تسير على طريق صحراوي يقول ركابها إنهم من سرايا الدفاع عن بنغازي في طريقهم لمهاجمة براك الشاطئ. يُظهر الفيديو بعد ذلك 9 رجال قتلى يواجهون رجلا مجهول الهوية يطلق عليهم النار مع صوت يقول “مرتزقة حفتر وكلاب حفتر”. لا يمكن لـ هيومن رايتس ووتش التحقق من مقاطع الفيديو أو الصور بشكل مستقل. قال محمد الغيوان، المتحدث باسم اللواء 13، لـ هيومن رايتس ووتش إن مجموعة تابعة للكتيبة هاجمت قاعدة براك الشاطئ في 18 مايو/أيار ردا على عدة هجمات شُنت على قاعدة تمنهنت. نفى الغيوان أن تكون القوات المرتبطة باللواء قد ارتكبت إعدامات بإجراءات موجزة أو أي انتهاكات أخرى لقوانين الحرب أثناء الهجوم. أضاف الغيوان أن اللواء 13 لم يتعرض إلى إصابات أو وفيات في الهجوم، كما أسرت 14 أو 15 سجينا. قال إن الكتيبة ستطلق سراح المحتجزين المدنيين فقط.
على جميع أطراف النزاع التقيد بقوانين الحرب. قد ترقى بعض الانتهاكات الخطيرة لقوانين الحرب، عندما تُرتكب بقصد إجرامي كإعدام مدنيين أو مقاتلي العدو الأسرى أو المستسلمين، إلى جرائم حرب. يمكن لأي شخص يرتكب جرائم الحرب أو يأمر بها أو يساعد عليها أو يتحمل مسؤولية قيادية عنها أن يخضع لملاحقة قضائية من جانب المحاكم المحلية أو الدولية. قد يكون القادة مسؤولين جنائيا عن جرائم حرب مرؤوسيهم إذا لم يسلموا المسؤولين عنها إلى الملاحقة القضائية. قال غولدستين: “على القادة الكبار أن يفهموا أنهم أيضا قد يتورطون في جرائم حرب ما لم يتصرفوا بحزم لتوقيف ومعاقبة المسؤولين”.