بقلم :: سالم البرغوثي
كنت قد شرعت في كتابة مقالي هذا قبل التصريحات التي اطلقها أمير قطر المخالفة لتوجهات مجلس التعاون الخليجي المتعلقة بإيران وحزب الله وحماس وأسرائيل بعد قمة الرياض والتي تعتبر الدوحة أحد الركائز اﻻساسية لهذه المنظومة الخليجية
ليس من الصعوبة تقييم السياسة القطرية .فاﻻمارة الصغيرة الغنية ذات الموارد الضخمة والتي وصفها الكاتب السعودي محمد الساعد بأنها مجرد نتوء ترابي خارج من الجزيرة العربية وأنبوب غاز وقناة اعﻻمية وقاعدة امريكية مستأجرة ومستوطنة لﻻخوان المسلمين تشعر بأنها بحاجة إلى حماية من عدو ﻻتعرفه ومن اطماع مجهولة الهوية.
مامن بعد استراتيجي للسياسة القطرية سوى هاجس الخوف لذلك بنت سياستها على إبعاد الخطر عنها ونقل المعركة إلى مناطق أخرى يمكن إحداثها بالمال الوفير الذي يمكن تعويضه بسهولة من مصادر الطاقة وإن بدت رهاناتها السياسية بهذا المسلك أقرب لواقعها الجغرافي واﻻقتصادي كونها دويلة صغيرة بحاجة للحماية في الوقت ذاته فإن إندفاعها المجنون هذا أنتج لها عدوات كثيرة.
فدعمت قوى الشر من الجماعات اﻻرهابية واحزاب دينية وحركات انفصالية وقبائل وتيارات سياسية من جبال تورا بورا في افغانستان مرورا بالعراق واليمن وسوريا وتونس والجزائر وسيناء وصوﻻ إلى مالي جنوب الصحراء لتتحول الدوحة إلى مقاول بالباطن لبعض الدول الغربية.
في مارس 2014 قررت السعودية واﻻمارات والبحرين سحب سفرائها من الدوحة بعد فشل كافة الجهود في إقناع قطر باﻻلتزام بالمباديء التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي لكن سرعان ماعادت الدوحة إلى الحضن الخليجي بعد تعهدات من امير قطر .
القاطرة القطرية المتجولة في أزقة حلب ودار فور ورابعه العدوية وغزة وحارة حريك وطرابلس تحمل المال للسياسيين واﻻعﻻميين والمفخخات للجهاديين تحت مسمى مراكز دعم الديمقراطية في العالم العربي لن تكمل طريقها بآمان وسﻻم فهي بكل بساطة مجرد قاطرة ربانها ليس في الدوحة.
المراصد السياسية في العالم تعرف من يحرك القاطرة المليئة بالذهب والمتفجرات ولمصلحة من وأين وجهتها
اﻻمارة الصغيرة العائمة على بحر من النفط والغاز والتي ﻻ يتجاوز عدد سكانها عدد سكان شبرا في القاهرة تدير شبكة إعﻻمية ضخمة لزعزعة اﻻستقرار في دول تحاول الخروج من أزماتها اﻻقتصادية وركوب قطار التنمية أو اﻻحتفاظ بسيادتها الوطنية بعيدا عن اﻻمﻻءات الخارجية.فالتدخل القطري في سوريا كان نتيجة لموقف وطني للقيادة السياسية في سوريا بمنع مرور مشروع أنبوب الغاز القطري من اﻻراضي السورية إلى تركيا ومنه إلى أوروبا لضرب اﻻقتصاد الروسي المعتمد على تصدير الغاز إلى أوروبا والمستخدم ايضا كورقة ضغط على اﻻتحاد اﻻوروبي .
كما وأن قاعدتي السيلية والعيديد استخدمتا ﻻستهداف العراق وهزيمة الجيش العراقي في حرب الخليج الثانية.
لذلك يرى القطريون أنهم اﻻحق بإستضافة القمة بدل الرياض لماقدموه من خدمات جليلة لﻻمريكيين واﻻسرائليين .فجاء الرد القطري على تهميشهم مغايرا لكل التوقعات مغازﻻ اﻻيرانيين وحركة حماس وحزب الله وإن كان هذا الغزل لن ينطلي على اﻻيرانيين الذين يدركون جيدا الدور القطري المشبوه بالرغم من أنه يصب في مصلحتهم في مكان ما.
للدوحة حسابات خاطئة وإندفاعات غير محسوبة دون النظر إلى محيطها العربي والخليجي واﻻقليمي .
ذات يوم سيتخلى عنها الجميع وسيعاقبها الجميع بمن فيهم الجماعات التي تحتضنهم بالدوحة والذين اشترتهم بالمال وحمتهم من المطاردة
واعتقد ان محيطها الخليجي ذاته قد ضاق ذرعا بتصرفاتها وإندفاعاتها نحو الهاوية .