أثار ارتفاع معدّلات جرائم القتل في سبها قلق سكانها الذين ينامون ويستيقظون على أخبار أشخاص قضوا قتلاً بصورة شبه يومية، لدوافع متعددة، في ظلّ عجز التدابير الأمنية.
الأرقام مخيفة، تخطت المئات، فقد كشف عضو قسم التحري والضبط بمركز شرطة القرضة، يحيى شوايل، لفسانيا، تسجيل 846 جريمة قتل، منها 3 قضايا بحق النساء، أما في مركز المدينة، فقد صرح المركز عبر مصادر مطلعة ، أن عدد الجرائم المسجلة لديهم بلغ 589 قضية، منها 4جرائم قتل لنساء وفتيات، وذلك في العام 2014.
وأشار شوايل إلى أن تجارة المخدرات شهدت رواجاً ملحوظاً، فقد سجلت 73 قضية حيازة مواد مخدرة وبيعها، مضيفاً أن رواجها ساهم في زيادة نسبة جرائم القتل في المدينة التي كان آخرها مقتل فتاة ذبحاً بالسكين، في حين أصيبت أختها وأمها بجروح على يد شقيقها الذي كان تحت تأثير مادة مخدرة، و قال شوايل: إن جرائم القتل تسجل بصورة شبه يومية، موضحاً أن أبرز أسبابها هو الاشتباكات المسلحة التي شهدتها المدينة، تليها عمليات السرقة والنهب المسلح، ثم قضايا الثأر، مضيفاً أن معظم الحالات وقعت في أطراف المدينة، وأحياناً في بعض شوارعها الرئيسية، و في ساعات متأخرة من الليل، مؤكداً أن جميع الجرائم نفذت بواسطة البنادق والمسدسات، ونادراً ما استخدمت الأسلحة البيضاء.
جنسيات مختلفة
عضو قسم التوثيق بمركز شرطة القرضة أحمد الزاير، كشف لفسانيا أن أكثر من 285 قضية قتل لأجانب من جنسيات مختلفة أغلبهم أفارقة، وبالمقابل بين أنهم رصدوا أكثر من 314 قضية مخالفة قانونية ارتكبها الأجانب تتعلق بعمليات النصب والاحتيال، وسرقة الأملاك العامة، لافتاً إلى أن معظم الأفارقة ” لا يملكون إجراءات إقامة قانونية ” وفق قوله. في السياق نفسه ، ذكر مدير مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين بسبها خالد الأزهري أنهم عاجزون عن استيعاب الأعداد المتزايدة من المهاجرين غير الشرعيين؛ لأن مركز الإيواء لم يكمل بعد، وقد استقبلوا في عام 2014 أكثر من 1600 مهاجر، رحل نصفهم براً، في ظل فقدان للأمن، وانعدام لسبل تأمين عيش كريم لهم، وفق قوله.
من سيموت الليلة وأين ؟
ومن الأسباب وراء تلك الجرائم المتفشية ـ حسب ما أفاد به عميد كلية الآداب بجامعة سبها صالح البغدادي ـ “الانفلات الأمني” الذي ساهم في تغيير مزاج المواطنين، فبمجرد أن تغرب الشمس يسرع الناس بالعودة إلى منازلهم، وتنتشر حالة من الترقب والتساؤل حول من سيموت الليلة وأين؟، إلى ذلك, تضيف الناشطة فاطمة عبدالرحيم، أن “افتقار سبها لوسائل الترفيه” جعل أمزجة الشباب قريبة للإجرام؛ بسبب صعوبة الحياة في مدينة “صماء” بحسب وصفها. من جانبه، يرى عبد الواحد عطا لله ( مدرس لغة انجليزية – 32 سنة) أن “الكتائب المسلحة” تتحمل عبء هذا الوضع، فهي من خلقته، وعليها أن تعالجه. وينتقد إسماعيل محمد (طالب – 27 سنة) مؤسسات المجتمع المدني التي لم تلعب دوراً توعوياً في مكافحة الظاهرة.
تخلخل الأمن
بدوره يؤكد رئيس مديرية الأمن الوطني بمدينة سبها السنوسي صالح في حوار مع فسانيا؛ أن نسبة جرائم القتل زادت بوتيرة ملحوظة في عام 2014 بالموازنة مع عام 2013؛ وذلك بسبب تخلخل الأمن وضعف إمكانيات جهاز الشرطة، بالإضافة إلى الخلافات القبلية التي حالت دون تمكين رجال الشرطة من التحرك بحرية لبسط الأمن. ويتابع السنوسي : القضاة يعزفون عن البت في قضايا القتل، ويشعرون بفقدان الأمن، بالإضافة إلى عدم وجود سجن يُؤوي المجرمين بعد تخريب السجن المركزي بالمدينة إبان أحداث يناير 2014م، موضحاً أن عدد قضايا القتل غير المنجزة منذ عام 2012م وحتى يومنا هذا بلغ 2234 قضية.
وفي سياق ذي صلة، قال الموظف بقسم المرور والتراخيص بسبها عمر أبوالقاسم: إن القسم لا يملك آلية لضبط المخالفات المرورية, مرجعا ذلك إلى قلة العناصر والمركبات وانعدام السلاح الكافي، حسب تعبيره.
وتبقى ظاهرة تزايد جرائم القتل تؤرّق أمن أهالي مدينة سبها, وتهدد الاستقرار الاجتماعي، في ظل غياب أي بوادر في الأفق لإيجاد حلول لهذه المشكلة التي تتفاقم يوماً بعد يوم.
عبد المنعم الجهيمي- سبها