أن الهاجس الذي يؤرق الكثير من علماء النفس والاجتماع وعلماء الأخلاق هو ما آلت أليه العلاقات الإنسانية في عالمنا المعاصر من انحدار يستحق الوقوف عنده والالتفات إليه لقد وضع الدين الإسلامي الحنيف الأسس والقواعد التي تبنى عليها العلاقة الإنسانية إلا إننا رفضنا التعامل مع الإسلام والقرآن كدين وكدستور يحكمنا , يأمرنا فنأمر به وينهيانا فننتهي به , واكتفينا فى عصرنا الحالي بقشور نسبناها إلى الإسلام وتركنا لب الإسلام الحقيقي وأخذنا من القرآن التلاوة والتجويد وتركنا باطن القرآن وحكمه وكنوزه الخفية , فاكتفى أكثرنا بالظاهر منه ألا أنني لا أريد أن أوجه التهمة إلى العصر الحالي ولكنني أريد أن أوجهها إلى السبب الحقيقي لما آلت إليه الأمة الإسلامية من انحدار خلقي وعقائدي …الخ , وهو الإنسان … الذي عاش العصر بإنسانية بعيدة عن الإسلام والقرآن فلنقف وقفة قصيرة نرى من خلالها نظرة الإسلام من خلال القرآن للعلاقات الإنسانية , وكيفية تنظيمها , وهذه النظرة تحتمل الخطأ والصواب .وهذا ما أخذناه من العلم لقد درسنا أن الإسلام الحنيف أزال الفوارق العرقية والطبقية بين الناس , وجعل أساس العلاقات بينهم تقوى الله , وأكد ذلك قول الله تعالى في محكم كتابه الكريم:( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم. ) وبتطبيق هذه الآية الكريمة تزول كل الفوارق العرقية والطبقية , ويبقى أساس واحد تبتنى عليه العلاقات وتقام أواصر المحبة والإخاء لتصل إلى درجة الفناء في الله ألا وهي التقوى …
وهذا ما كان عليه الحال فى عصر الإسلام الحقيقي لكن ماذا عن عصرنا الآن ؟؟
ما هو مدى فاعلية هذه الآية الكريمة فى العلاقات الإنسانية المعاصرة ؟ لقد عُطّلت هذه الآية تعطيلا كاملا , ولم يبقى منها سوى الترتيل والتجويد , فأساس الحكم الآن بين الناس هو المادة والنسب بصفة عامة للمسلمين, الا أننا نزيد عليهم بقوة الكتيبة وخصوصا وبهذا التحول الذى لم نقدره, بل وصل بنا الأمر إلى التفاخر بالموتى كم عندكم شهيد ؟
وكما قال تعالى فى محكم كتابه الكريم : ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر) وكل ذلك يعود إلى تعطيل العمل بالقرآن الكريم وأبعاد الإسلام عن وضعه الطبيعي كحاكم للعباد .
ثم يوجد أساس آخر وضعه الإسلام لتوطيد العلاقات الإسلامية وحفظها من الانهيار, فقد قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) لقد جعل إسلامنا الحنيف ونص قرآننا الكريم على أن أسس التعاون وعراه هما التقوى والبر, ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان , ومن هنا أصبحت العلاقة الإنسانية تقوم على أسس التعاون , وحدد لنا القرآن الكريم أي نوع من التعاون , وهو البر والتقوى , فتنطلق هذه العلاقة على هذه الأسس لتبني مجتمعا راسخ الأيمان والعقيدة , قويا يستمد قوته من عرى القرآن و أحكام الإسلام …
فأين هذه الآية في عصرنا الحالي ؟؟
وكيف تم التعامل معها لقد عكس مضمون الآية الكريمة وأصبح الأمر بالتعاون على الإثم والعدوان والنهي عن التعاون على البر والتقوى كما نرى ونسمع من المحطات الإذاعية…
فأي عصر نعيش ونحيا به ؟؟ أنه عصرا باع كرامته بثمن بخس , وأهدر معها كرامة الإنسان, فأف لك أيها الإنسان الذي تخليت عن قيم ومبادئ سماوية وتمسكت بمبادئ موضوعة من الإنسان. فلقد أنتشر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدي الناس.
عيسي رمضان