بقلم :: منى بن هيبة
ظلت ولسنين طوال الألغاز الشعبية لغزا لثقافة المتناقضات في حد ذاتها وهي تعد واحدة من أقدم الموضوعات التي ابتدعها الخيال الشعبي للإنسان الجنوبي، تتجلى فيها ملامح شخصية الجد الخاصة التي تظهر ثقافتخ الشعبية السائدة آنذاك، باعتبارها شكلا من أشكال التعبير الأدبي لديه شأنها شأن الحكاية الشعبية التي تحدثنا عنها في العدد السابق،وعرفت الألغاز الشعبية ممذ القدم وجاءت جميعها تحمل تعبيرات متناقضة تعتمد على المهارات اللغوية واللفظية والمسميات المتشابهة لأشياء مختلفة، إلا أنها تعطي دائما إجابة بسيطة وتفاجئ في كثير من الأحايين السامع الذي يعصر رأسه لفترات باحثا عن الجواب الصحيح للمعنى الملتحف برداء الحنكة والبراعة في التلاعب بالمفردات في ملفات ذاكرته الشعبية، وهي كأي مظهر من مظاهر الأدب والتراث الشعبي تعد جزءا مهما من الثقافة الشعبية وفيها تعبير عن الجوانب الحياتية المادية والعقلية والوجدانية والاجتماعية، إلى جانب ماتحمله من تصوير لبعض جوانب الحياة البيئية وإظهار المهارة الفكرية والفطنة والذكاء والقدرة على الاستنباط والتحليل والتشريح والتركيب وأيضا البناء.
ولقد تنوعت الألغاز واختلفت في الشكل العام للصوغ وأسلوب التركيب اللفظي اللغوي باختلاف البيئة الاجتماعية التي نشأت فيها، ويمكن القول بأنها تعبر عن المناخ الفكري لمجال نشأتها، إذ يزخر تراثنا الأدبي الثقافي في جنوبنا الطيل كغيره من مناطق ليبيا بالعديد من الألغاز التي تحتوي على صور البيئة التي كان يحفظها ويرددها الأجداد عادة للتسلية وإظهار القدرة على التفكير السليم السريع وقوة الإدراك ودقة الملاحظة والنباهة، بعد إتمامهم من عملية سقي جداول القرنفلات وقطع جمار النخيل، كما استخدموها للتسلية والمتعة يقهرون بها المسافات وهم ينتقلون مترجلين بين غابات تاقللت وبريك” بكسر الباء” ورمال الزلاف وغيرها من السبل التي كانو يقصدونها ..فعلى سبيل المثال لا الحصر ليها زوز اوذان وماتسمع..!قد نجد صعوبة عند الوهلة الأولى في فك شيفرة هذه التركيبة اللغوية المعقدة والبسيطة في ذات الآن وببساطة جدا! وأيضا قاعد في التركينة وياكل في مصارينه..في السوق خضرة وفي اليد حمرا..من ألغاز الجد كذلك يطلع من بطن امه وايحك ظهر بوه “..فكرو في حلها واجلسوا مع أجدادكم وتذكروا حزورة الأمس..أما أنا فتركتكم بعافية..