خلق الله الإنسان لعبادته وحده لا شريك له، وقد فطره على ذلك ودله عليه، وأمره بذلك وأرسل الرسل وأنزل الكتب. والكون أمامه يقرؤه في كل حين ليرى عظمته ووحدانيته وكماله وجماله سبحانه.
فإن لم يفعل ما خلق له وما فطر عليه وما أمر به عوقب على ذلك بأن زين له الشيطان ما يفعله من الشرك والمعاصي، قال تعالى: ]قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُوراً[ [الإسراء: 63].
لذلك ليس للشيطان سلطان على المؤمنين بالله وحده، قال تعالى: ]إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {99} إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ[ [النحل: 99-100].
فإخلاص الدين لله يمنع من تسلط الشيطان ومن ولاية الشيطان التي توجب العذاب، قال تعالى: ]كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ[ [يوسف: 24].
فإخلاص العبد الدين لربه مانع من فعل ضد ذلك، وإن لم يخلص لربه الدين ولم يفعل ما خلق لأجله وما فطر عليه، عوقب بتسلط الشيطان عليه حتى يزين له فعل السيئات، وكان إلهامه لفجوره عقوبة له على كونه لم يتق الله.
والمعصية ظلم للإنسان في حق ربه وحق نفسه، وظلمهم لأنفسهم نوعان:
** عدم عملهم الحسنات , ** وعملهم السيئات.
فكل نعمة منه فضل، وكل نقمة منه عدل، قال تعالى: ]فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ[ [الصف: 5].
فالله خلق الإنسان وفطره على الحركة والعمل، فإذا لم يتحرك بالحسنات حرك بالسيئات عدلاً من الله، والقلب لا يكون إلا عاملاً، وكذلك النفس؛ لذا قيل: نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية. وجاء في الحديث: «مثل القلب: مثل ريشة ملقاة بأرض فلاة، وللقلب أشد تقلباً من القدر إذا استجمعت غلياناً» [رواه أحمد بن حنبل]. ولذا سمي القلب بهذا الاسم لكثرة تقلبه.
والنفس بطبعها متحولة، فإنها حية والحركة والإرادة من لوازم الحياة ولهذا قال النبي r في الحديث الصحيح: «أصد ق الأسماء: حارث وهمام…» الحديث [رواه أبو داود]، فكل آدمي حارث وهمام أي عامل كاسب وهو همام؛ أي: يهم ويريد فهو متحرك بالإرادة.
***
اعداد خديجة حسن