سالم أبوظهير
أكتب عن الفيسبوك في ليبيا لخصوصيته التي أحسب أنها تميزه عن أي فيسبوك آخر في أي مكان في الدنيا ، ولأنه في ليبيا ملك متوج على باقي وسائل التواصل الاجتماعي الافتراضية الأخرى ، فقد كان أول ظهور حقيقي للفيسبوك في ليبيا ، واكتسابه لشعبية أضفت عليه نوعاً من القبول والانتشار ،عبر صفحات فيسبوكية ممولة من جهات مجهولة كانت مهمتها الرئيسية التحشيد والتعبئة والتحريض بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة ، الممكنة وصعبة التحقيق ، الأخلاقية وغير الأخلاقية لإسقاط والقضاء على معمر القذافي وهذا ماتحقق ولا أحد يمكنه إنكار دور هذه الصفحات في تلك الفترة ونجاحها إلى حد ما في تأليب الرأي العام الليبي وحتى الدولي والعالمي على معمر القذافي . ففي زمن قياسي وصل متابعو صفحة أخبار ثورة 17 فبراير ليبيا إلى أكثر من ستين ألف متابع ،في وقت كان عدد مستخدمي الفيسبوك في 2011 قليلا جداً مقارنة بعددهم الآن ، كانت الأخبار تأتي من الداخل فتتم غربلتها وتلميعها بما يلائم أهداف الصفحة ، ليتم عرضها بطرق احترافية يعجز المستخدم العادي عن إنجازها، ومن المؤكد أن هذه الصفحة كانت تدار من خارج ليبيا وموجهه بعمق للداخل الليبي الذي ملّ من سماع نشرات الأخبار في الإعلام المحلي المستهلك ، وبِذا تحول الفيسبوك من صفحة للتواصل الاجتماعي إلى سلاح خطير وجه ضربة معلم مؤلمة لقنوات الإعلام الرسمية التي كان زرّ التحكم فيها تحت رحمة إصبع صغير من أصابع يد الحاكم ، وتحولت هذه الصفحة بشكل أخص لنافذة كبيرة مشرعة تنقل مايحدث داخل ليبيا ، وفقا لما يهدف إليه ممولو مثل هذه الصفحات، والمشرفون عليها. أما قصة صفحة انتفاضة 17 فبراير 2011 لنجعله يوما للغضب في ليبيا، فهي مختلفة وعلامة استفهام كبيرة ، فيها حدد يوم الانتفاضة على النظام القائم في ليبيا في ذلك الوقت، وانطلقت قبل يوم 17 فبراير بأيام ، وتميزت بغزارة موادها الإعلامية ، واحترافية موادها المكتوبة والمرئية والمسموعة ، كانت تقدم للمتلقي معلومات وتنقل أخبارا ،ولم تتوقف عن العمل الدؤوب النشط المستمر ، إلا بعد أن تدخل الناتو ، كان آخر منشور في هذه الصفحة يوم 24-مايو-2011م وبالبنط العريض كتب مشرف هذه الصفحة حرفيا باللغة الإنجليزية (!!!Over Game) أي (انتهت اللعبة). وفهمكم كفاية !!!
لكن اللعبة لم تنته بعد فالفيسبوك في ليبيا مصدر الآن من مصادر أهم وأكبر القنوات الفضائية الغنية المتخمة بالملايين ، التي تبث من خارج البلاد وتستقي معلوماتها منه، وهو أيضا مصدر للأخبار المسموعة والمكتوبة والمرئية داخل البلاد وخارجها ، وهو نفس الفيسبوك الذي يمكن أن يجعلك سمساراً ناجحاً للعقارات ، وتاجراً محترفاً للسيارات والعملة والسلاح ، الفيسبوك جعل من (السوبورطو) بطلاً شعبياً ومن (عزّو المرجاوي) طفلا بريئا دمه خفيف حتى وهو يسبّ الدّين ويلعن الليبيين الخوارج وتستضيفه القنوات لشهرته. الفيسبوك الليبي الآن يقلق المرتشي (النصاب) ،والسياسي العميل ، والنائب عديم الأخلاق ، والموظف السارق،كما يقلق قائد الجيش ، بنفس القدر الذي يقلق زعيم العصابة أو المليشيا، لأنه تحول إلى غول كبير عينه كبيرة تنقل عمليات السطو والنهب ، وبنفس الوتيرة ترصد الجيش وهو يحقق الانتصارات أو يحصد الهزائم .