- عبد الرسول محمد
نحن أمام طرح جديد وسرد روائي مختلف يتفرد الروائي علي جمعة إسبيق في طريقة سبكه للحكاية ، فلا يشعرك أنك أمام أقصوصة بل أنت شخصية واقعية تجول وسط الصراع الذي يرويه تشاهد الأحداث عن قرب، عن كثب، بأم عينك، يجعل منك الفيصل في الساحة، أنت ضحية تلك الجريمة البشعة، التي ارتكبت في وسط اجتماعى يعبد آلهة الخوف و الشهوة، يغوص بك إلى اغوار النفس البشرية والتحليل النفسى للعقد، من خلال وصفه المباشر للقرية والأماكن التى على مقربة منها، والوصف الغير مباشر للشخصيات التي استحضرها في الرواية، ولم يستعمل الكاتب أية من أساليب السرد المعتادة كالسرد على لسان البطل أو على لسان المؤلف بل أنت من ترى وتسمع وتشاهد، ولا أبالغ إذ قلت أنت من تتحدث، لأنه أعتمد على سير الأمور طبيعيا وابتعد عن التخيلات التي قد تربك الحبكة، وقد بين لنا قدرته على جعل كل الشخصيات حية، وعلي الوصف الدقيق للبيئة فسيادة الحدث والبيئة والشخصية كانت حاضرة في الرواية، وابتعد عن ما يستعمله الكثير من الكتاب من الفُتاة لجر القارئ على إستكمال القراءة، لنجاحه بجعل القارئ يعيش أحداث الرواية بكل تفاصيلها و معرفة شخصياتها ظاهرها و باطنها، ويستمع كل ما يظهر على فلتات لسانها، بذلك يكتشف القارئ اغوار النفس البشرية، وتحليل الذات الإنسانية واستنباط اعماقها، واكتشاف الدافع وراء كل تصرفاتها و افعالها، دون تسارع في ألاحداث واعتمد على بطئ سيرها، لن تترك هذه الرواية قارئا إلا وتترك به أثرا، لأنها بمصاف الأعمال الأدبية المرموقة ، فالأحداث التي جرت قد عبرت عن صراع أزلي بين الصراعين الداخلى والخارجي للإنسان، أما حبكة الرواية فقد سارت على نحو رائع من بداية لا تدل على ماهية ما سيدخل إليه القارئ، إلى أن نصل إلى ذروة التأزم أما البيئة كانت حاضرة أشجار التفاح، اللوز، القرية، الأغنام، الحظائر، المجتمع القروي، الشخصيات الشيخ المتستر بالخداع الديني، الفتى ذو الثقافة الجنسية الخاطئة والجهل المستشري في عقله، الأم ألتي أحبت ابنتها رغم كل شئ وباقي الشخصيات التي سأتركها لكم، الصراعات كانت حاضرة الصراع الداخلى والخارجي الجشع الشهوة، الفقر ، الأسرة، الأب، التعب ،المشقات ، الرغبات،القيود، الاجتماعية، الرواتين، العار ،الفضيحة، الأسرار والصداقة والأمل والحب أيضا، بذلك ستغير الكثير من وجهات النظر، ونمط العيش، والرؤى القديمة لكل قارئ حول المجتمع الذى يكتنفه، واعادة النظر في كل حكم سابق على من هم من حوله، ولك أيضا أن تتخيل بأن كل هذه الرواية تدور حول بطلة لم تنطق بحرف واحد رغم أنها محور الرواية والعنصر المشارك والرابط العجيب بين كل الشخوص، حيث أنه لم يسبق لي أن قرأت رواية بطلها الفعال لا ينطق بحرف واحد، وهذه نقطة تحسب للكاتب، ولإمكانياته السردية والتي تدل على تحكم كبير في حوصلته اللغوية وامكانياته اللفظية، رواية يزيد عدد كلماتها عن 12000 كلمة وما يقارب عن 100 ألف حرف لم يكن نصيب البطل فيهن ولو حرفا واحدا والعجيب أيضا لن يخطر علي بال أحد ما ستكتشفه في آخر الرواية