“صندوق الرمل” لعائشة ابراهيم نقلة جديدة في الرواية الليبية

“صندوق الرمل” لعائشة ابراهيم نقلة جديدة في الرواية الليبية

  • عمر عبد الدائم
عمر عبدالدائم

في روايتها المرتقبة (صندوق الرمل) تضعنا عائشة ابراهيم مجدداً امام أسئلةٍ كثيرةٍ ومهمة للغاية.. لا تبدأ بمن هو الآخر ؟!!ولا تنتهي عند سؤال كلٍّ منا لنفسه:( لماذا لم يكن في مكانه الصحيح؟ )و(لماذا تخترقه رصاصات غير مرئية) فيموت في كل يومٍ ألف مرة؟.

(ولماذا لا يكون شجاعاً مرة واحدة؟ عارياً امام نفسه ..لماذا عليه أن يفلسف مشاعره لكي ينال شرف التطهر من الخطيئة؟)نعم يا عائشة (الروايات الخالدة لا بد ان تعمر بقصص الحب، و لا شيء يدمي القلوب مثل الفقر والحرب).

نعم ..(ففي الثورات يتصرف الحظ بنذالة ، ليقف إلى جانب اللصوص..)**أن ننظر للآخر من زاويتنا وبمنظارنا فهذا شيء يستطيع أن يصوره معظم الكُتّاب ، لكن أن ننظر إلى انفسنا بمنظار الآخر ومن زاويته فهذا شأن آخر لا ينجح فيه كل من ولجه..وقد نجحت عائشة ابراهيم في هذا أيما نجاح من خلال هذه الرواية..تنتهج عائشة نهج امين معلوف في خلق شخصية خيالية تتماهى مع سرد شيّق لحدث تاريخي بدقة متناهية فلا يعود القارىء مدركاً أين تنتهي الحقيقة وأين يبدأ خيال الكاتبة..وما أكثر الرسائل التي تبعث بها فتقول مثلاً ( اشياء عابرة تحيل الإنسان إلى شبح مهزوم ، كأنه يقاتل منذ ثلاثة الاف عام) دون مقابل يستحق كل هذه التضحيةو(الحقيقة هي أفضل تعميد للروح).أو حين تحاول تفسير الحب بقولها:

( نجده يتعالى على اللغة والهوية والحضارة ويجمع البشر في حالة واحدة من الشوق والقلق والشك والانتظار .. إنه الهذيان اللذيذ الذي لا يعرف الفرق بين غنيّ وفقير أو بين متعلم وأميّ ، هو هكذا في كل أرض يجد له أصفياء ومريدين وصعاليك وفلاسفة..)( بعض الحب اشرف له أن يموت شهيداً ).

**ولا مندوحة لنا من الوقوف عند لغة عائشة ، هذه اللغة المنسابة بجمال فاخر ، مُطَعّمٌ بتعابير في غاية الروعة، انظروا لهذه الجُمَل على سبيل المثال: (كسلسول ماء عذب)(سكسكة الماء من الدلاء المثقوبة)(بكت بإخلاص تام ومتعة باهضة)(كما يجلس قتيل مغدور فوق قبره منتظرا عدالة السماء)أما تصويرها للأخت العطشى وهي تستحضر ، بما أوتيت من حب ، خيالها لاستدرار ما يمكن استدراره من ريقها لتنقذ به أخاها الصغير الذي يحتضر هو الآخر من العطش .. فهي صورة لا يمكن أن يأتي بها إلا مبدع استثنائي…بقي أن أقول أن “صندوق الرمل” رواية “ايطالية” بامتياز ، لا سيما في نصفها الأول ، فلو لم يكن اسم عائشة ابراهيم على صدر الغلاف لظننّا أن كاتبها هو البيرتو مورافيا ، أو اوريانا فالانشي ، أو جيوفاني بوكاتشو … كم أنت رااائعة يا عائشةمذهلةوقد جعلتني أشعر أحياناً (وليعذرني الشعراء) بتفاهة الشعر و قزم القصيد أمام عظمة الروايةواليوم أقولها بملء فمي (وهذا الرأي يخصني ولا يلزم أحدا غيري):من لا يكون له نفَس عائشة ابراهيموخيالها المجنحولغتها اللذيذةفليراجع نفسه في كتابة الروايةفعائشة ابراهيم تكتب تاريخا جديداً مَجيداً للرواية الليبية..*****(صندوق الرمل) رواية جديدة للصديقة الاستاذة عائشة ابراهيم تصدر قريباً.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :