عمر عبدالدائم
في هذه البلاد التعِسة هناك شريحةٌ هي الأتعس على الإطلاق..إنهم المتقاعدون (من ذوي الدخل المهدود -أقصد المحدود).هذه الشريحة لا يلتفتُ أحدٌ لصراخها الصامت.. ولا يكترث أحدٌ بالدموع التي تتحجر في عيونها..هذه الشريحة لاتستطيع الاعتصاملأمّ معظم أفرادها لا يستطيعون الوقوف طويلا ولا حتى حمل اللافتات.هذه الشريحة ليس لها أن تمارس “حقّ الإضراب” فليس لها ما تُضرِب عنه (عدا الإضراب عن الطعام) وفي هذه الحالة سيموتون كالقطط دون ان يندى لها جبين أحد.هذه الشريحة ليس لها ميليشيا ل “تسطو” على منابع صنع القرار و توجّه “الدوشكا” لمكتب الوزير المختص فيوقّع صاغراً ذليلاً لها على بياض ..هذه الشريحة أفنت عُمرها في الوظيفة العامة ، ففيها المُعلم الذي علّم و ربّى أجيالاً ، لعل من بينهم الوزير والمسؤول وحتى القاضي وهؤلاء جميعهم – بمرتباتهم العالية وعلاواتهم الخرافية – يتبجحون اليوم بعدم أحقية هذا (المعلم المتقاعد) في مرتب تقاعديّ يكفل له حياة كريمة..ومنهم العسكريّ الذي أُجبِر على دخول العسكرية فسيق لحروب وتبادلت الفصول طقوسها على جسده المُنهك لأربعين عاماً بين جمود الشتاء و جهنم الصيف وهو (يحرس فاكهة غيره).. لقد أخذوه لحماً و رموه عظماً .. فعافت حتى الكلاب ان تنهشه!! وبعد كل ذلك لا يجد ، وقد وصل من العمر ارذله ، ما يقيه ذلّ السؤال ..هذه الشريحة المظلومة تضم قطاعات كثيرة لا مجال لذكرها جميعاً ، توحدّت مأساتهم ، فمنهم من حاول ويحاول ايجاد عمل جديد لسدّ نقصه الماديّ ، ومنهم من رضي من الغنيمة بالايابِ..في معظم البلاد التي تحترم نفسها وشعبها يكون للمتقاعد تسهيلات و خصومات لا سيما في التنقل والاقامة وغيرها .. ويكون له احترام وتبجيل يشعره بالدعم المعنوي و يؤكد تناغم الأجيال فلا يتنكر جيل لجيل..فمتى تلتفت هذه البلاد لهذه الشريحة التي لا يزيد مرتب أفضلهم عما يعادل 150 دولاراً .. ويساويه التاجر تماماً بمن يتقاضى 16000 ديناراً من حيث سعر البضاعة فالسعر موحّد…فايّ عدالة اجتماعية هذه؟!..أيهذا الوطن إنني على وشك أن أكفرَ بك.