طريقتنا الفلسطينية في حب الحياة

طريقتنا الفلسطينية في حب الحياة

أحمد العيلة

ستةُ رجالٍ خرجوا من غياهب سجنهم مترادفين بقوة حروف فواتح السور، ومتكتلين بقوة نشيدٍ يُسمِي الشمس بأسمائها المبجلة؛ حاوروا السماء لتهبهم أجنحةً من زرقتها ويصعدوا إليها طيوراً؛ إلا أن الزرقة لم تعرف كيف تناور السجان وتدخل من فتحةٍ ضيقة في جدارٍ لا تراه، وكأن السماء باتساعها ميتافيزيقا أصعب من مناهج الأونروا ومن محاضرات المطاردات وراء المعاني في جامعاتٍ لم يعرفوا أماكنها بعد، ستةُ رجالٍ كانوا في خزنةٍ حديديةٍ لا يعرفون شكل هذي السماء ليحاوروها، فنادتهم الأرضُ نداءً خفياً وهم يُرزقون الأملَ في محرابهم الفلسطيني، وجدت في قلوبهم رزقاً؛

قالت لهم: أنَّى لكم هذا؟، قالوا هو من عند الله، هنا؛ نادتهم الأرض وبشرتهم بالحرية، وهبت لهم كلمة السر الأقدس في تاريخ تكوينها، (ح ر ي ة)، وطاوعتهم مطاوعة أمٍ لوليدها، ورجتهم أن يحفروها خلسةً بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَار، شقت صدرها لهم ووهبتهم عشقها الأبدي، كيف لا؟ وكل نسيجهم الحيوي من لزبها المبلول بضوء ربٍ أراد المباركة لها دون سواها، الستةُ خلقوا جميعاً من هذا قبضة الطين المبارك وحمأة الصلصال المقدس، هي الأرض من تفهم منطقهم إن أرادوا أن يحلقوا فوقها أسيادَ السماء، ومن تدرك أبصارهم إن احتاجوا الأفق غطاءً مطرزًا لها، وهي من تفقهُ قولهم إن استعاروا مقولات الانعتاق من صرير السلاسل وضجيج القيود، والأرض هي من تشعر بنبضاتهم إن علت ذات فجر فطاوعتهم، ونادتهم الملائكة أن اجعلوا أرواحكم سماءً وخذوا البرق بقوةٍ، اضربوا به طَرِيقًا في الرمل نفقًا، ينفتح لكم بإذن الله، فتتدفقون منه ومعكم ضوؤكم المسروج في قلوبكم.ستةُ رجالٍ حملوا الشمس ذات فجر إلى الحد الأعلى للنبوءة، حيث يقول الله للشيء كن فيكون، وقد كان قبلها (لا شيء)

قال للنفق كُنْ، فكان، وَجَعَلَ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا وأغشى الحراس المنحوتين في أبراج السجن فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ، ألم تسمعوا في النشرات كيف ناموا وكيف عميت عيونهم إحدى وعشرين دقيقة عن شاشات المراقبة؟ستةُ رجالٍ يكشفون للعالم طريقتنا الفلسطينية في حب الحياة، وفي القدرة على إدارة القلوب نحو الشمس تماماً، ويعلموننا كيف نبغض أعداءنا على طريقتنا الفلسطينية الصرفة، ويدربون كتب التاريخ أن تكتب بخطٍ واضح أن فلسطين هي فلسطين، لا يمكن أن تكون غير ذلك، لقد بارك الله في أرضها وشجرها وحجرها وبشرها مباركةً صريحة، ومن المباركة أن لا نكون عاديين نحن الفلسطينيين في الحب، ولا روتينيين في مطلب الحرية، بل من المباركة أن يمنح أهل فلسطين القدرة على صنع المستحيل، لا لشيء إلا لتبقى هذه الأرض طاهرةً أبية وهي تجلس على عرش الأبد.أحمد بشير العيلة

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :