علي امحمد علي ضو
من خلال تتبع تاريخ منطقة وادي الشاطي الغربي، تراءى لنا حجم المخزون الأثري الذي تحتويه هذه المنطقة، وهذا الأمر ليس بغريب عنها كونها كانت مسرحاً للكثير من الأحداث المهمة عبر التاريخ، وإذ نتحدث في هذا المضمار فإن مدينة برقن ضمن أهم المسارح التي جسدت تاريخ الماضي، ولعل صخرة بن سراطن الأثرية خير شاهد ودليل. قبل الحديث عن هذه الصخرة المهمة جداً، أود التعريج قليلاً عن الأهمية الأثرية للمنطقة، فقد حوت في كل نواحيها العديد من المعالم المشابهة وغير المشابهة لما حوته صخرة بن سراطن، حيث تم اكتشاف العديد من الرسومات الأثرية على الصخور [[ التي نرجح رجوعها إلى العصر الجرمنتي ]]
في عدد من المواقع بالمنطقة، منها على سبيل المثال بعض النحوت على صخرة ناحية المرتفع الجبلي شمال مقبرة بن روين بمحلة القلة، وكذلك في إحدى الترع التي امتلأت بماء المطر في عقود غابرة شمال منطقة القلة وأبوقدقود، وقد تم اكتشاف النقوش بالترعة المذكورة وفق رواية الحاج/ عثمان علي ضو خيلب عندما هطلت الأمطار على المنطقة وامتلأت الترعة المقصودة بالماء، وغرق بها أحد أطفال المنطقة، وعندما اتجه الناس لإنقاذه من الغرق ظهرت لهم صخور منقوشة .
كما أن هذه النقوش أيضاً موجودة على صخور أخرى بمنطقة برقن البلاد، وبالتحديد بجوار سيدي عمر وفق ما هو معروف عند أهل البلد، وقد تكررت الحالة أيضا على عدة صخور بمحلة أبوقدقود إحدى نواحي مدينة برقن، وهي تلك الواقعة في عقار بن سراطن الزراعي والتي من بينها الصخرة محور حديثنا هنا. الأمر لم يقف عند هذا الحد، ففي تسعينات القرن الماضي وأثناء حفر أساسات زاوية الشيخ امبارك بن عمران بمحلة القلة، ظهر نفق بباطن الأرض، وهو ما يعكس حالة تاريخية قديمة لم يتم الكشف عنها علمياً رغم أهميتها، وتم مواراة هذا الفق بالرمال، ليرحل من جديد في غياهب النسيان، ويبقى الأمل في الكشف عن هذه الكنوز من قبل الجهات المختصة قائماً رغم الواقع المشهود، بل واستثمارها في خدمة هذا البلد علمياً واقتصادياً، ولو كانت هذه الآثار في بلد غير هذا البلد لرأينا كيف يتم إحياؤها من جديد، فهي رصيد لا يقدر بثمن، ولكن من يستطيع التقدير، وقد سبق وأن خاطبت مركز المحفوظات والدراسات التاريخية بالخصوص بخطاب تم استلمه من قبلهم بتاريخ يوم 12/5/2020م.
ولكن دونما أي استجابة تذكر. وبالعودة إلى ذي بدء فإن (( صخرة بن سراطن الأثرية )) محل مقالنا هذا تعد لوحة فنية جميلة جداً ومعبرة، ((جسدت)) حالة الماضي، ((ونقلت)) رسالة عبر العصور عن طبيعة الحياة الغنية بالعديد من أنواع الحيوانات البرية كالغزال والودان والأرانب وغيرها من الحيوانات التي لم تتضح ملامحها لدينا، ((وأفادت)) بمدى ملائمة هذه المنطقة للحياة البشرية آنذاك، بل ((ورفعت)) مستوى الوعي الكفيل الدفع نحو البحث عن طبيعة الحياة في المنطقة عبر العصور، ((وأكدت)) لنا من خلال صمودها عبر الزمن أهمية الرسالة التي تحتويها، فعسى تجد من يقرأ ويعي ويستجيب.
وقد آلت هذه الصخرة للمرحوم أحمد بن علي بن خليفة بن ارحومة بن حمد بن خليفة بن سراطن الحطماني، بحكم مكانها الواقع داخل أراضٍ زراعية يملكها المذكور حوزاً بمنطقة برقن الشاطي، وبالتحديد محلة أبوقدقود، إحدى نواحي مدينة برقن، ولا تزال هذه الصخرة وغيرها بحوزة أبناء وأحفاد المرحوم، تنتظر مع غيرها من آثار المنطقة عطف الجهات المختصة بالرعاية والاهتمام وفتح أفق التقصي والبحث والدراسة للحالة التاريخية لكامل نواحي المنطقة، وهو ما نتأمله