فسانيا / عزيزة محمد
اعتاد السبهاويون في أفراحهم و مناسباتهم السعيدة الاحتفاء بإطلاق الرصاص باستخدام الأسلحة الثقيلة و الخفيفة ، و يعتبرونها جزءا أساسيا للتعبير عن سعادتهم ، على الرغم من عواقبها الوخيمة ، باتت هذه الظاهرة تطفو على المجتمع السبهاوي منذ 10 أعوام ، و باتت تظهر التبعات السلبية لها بشكل واضح و جلي من الإصابات و إزهاق الأرواح ، و بالرغم من ذلك لا يزال الكثيرون يصرون على استخدامها كنوع من التباهي فيما بينهم . رصدت فسانيا في سياق هذا التقرير تبعات هذه الظاهرة بمدينة سبها: “
ثقافة متخلفة”
يرى ” عامر إبراهيم عامر امحمد مدون وناشط مدني” أن هذه الظاهرة هي ثقافة شعب متخلف ،و مروجوها لا يشعرون بحجم الأذى الذي يقع على الآخرين جراء ما يفعلون ، و أيضا ما يزيد من حدة انتشارها هو القوانين غير المفعلة ،فيمكن تفعيل تلك القوانين أو فرض عقوبات مشددة على مرتكبي هذا الجرم أو إصدار تراخيص لحاملي الأسلحة وفق ضوابط وشروط تضعها الدولة ، لأن هذه الظاهرة تسببت في فقد الكثيرين لحياتهم.
بينما يعتقد ” رمضان عبدالسلام ” أن البعض يستخدم الأسلحة النارية بالأفراح حتى يظهروا مدى سعادتهم للآخرين ، وكذلك حتى يقلدوا غيرهم كل ذلك يرجع للتباهي و حب المظاهر.
غياب الرادع القانوني
و يشير ” سيف الإسلام السويدي ” رئيس قسم تقنية المعلومات مكتب التعاون الثقافي الدولي جامعة سبها ” أتذكر عندما كنت طفلا بأن رجلا عسكريا كان يملك سلاحا ناريا فأطلق عيارا بمناسبة فرح أخيه فسجن لمدة ستة أشهر بحكم من محكمة الشرطة العسكرية ، و الآن لا يوجد رادع فلهذا لازال الناس مستمرين في هذه الممارسات . “
استبدال إطلاق الرصاص في الأفراح إلى الألعاب النارية
وطالب ” باستبدال الرمي بالرصاص ، بالألعاب النارية فهي أيضا بها نوع من الإثارة والأضواء المبهجة ، وهذا ما يطلبه الشباب والمراهقون فهم يبحثون عن الإثارة ، فالكثير يعتبر المناسبات و الأفراح بمثابة مهرجانات مصغرة نظراً لعدم وجود مهرجانات شبابية بالمطلق ولا أي فسحات ترفيهية.
يرى “محمد أبوبكر أعمال حرة ” أن الحرية المفرطة وعدم انتباه أولياء الأمور لأبنائهم هو من الأسباب الرئيسية لاستمرار هذه الظاهرة ، وهناك نوع من النقص لدى أغلبنا ويظهر هذا النقص في المناسبات العامة وخاصة بحضور الجميع.
و أكد ” يمكن من خلال التوعية الاجتماعية والتوعية الأمنية وتنمية فكر المواطن البسيط لخطورة الوضع بالرماية العشوائية والمشاكل المترتبة عليه وبتفعيل القوانين وبسط القانون الصارم وتجريمه لهذه الأفعال لأنها تعتبر جرما من الدرجة الأولى غير مباشر وبفعل فاعل مهما كان الظرف .
و ذكر ” لا يمكن أن يكون المقدمون على هذه الأفعال مختصين في الأسلحة أو استخدامها ، لأن ذوي الاختصاص هم أكثر الناس علما بعواقبها الوخيمة و أهمها فقدان الأرواح و الإصابات بعد كل مناسبة . “
نحتاج إلى مراحل متطورة لتفعيل المؤسسات الأمنية”.
اعتقد ” قصي محمد أنه ” لا يمكن القضاء على هذه الظاهرة بسهولة فنحن نحتاج إلى مراحل متطورة لتفعيل المؤسسات الأمنية وكل من يقومون بإطلاق النار في جميع المناسبات ليسوا مدربين بطريقة صحيحة وانتشار هذا السلاح هو من زاد من حدة التوتر والمشاكل في ليبيا.
و يعتبر ” أحمد الفيتوري ” من يمارسون رمي الرصاص في المناسبات الاجتماعية لا يهتمون بالآخرين و بآرائهم ، المهم أن يعبروا عن شعورهم بالسعادة بأي طريقة كانت ، ولا أظن أن لديهم “قلة وعي”. بالمخاطر .
تابع ” تكوين رأي عام رافض للظاهرة والنظرة للعائلة أو الشخص الذي يمارسها نظرة اشمئزاز وفرض غرامات مالية على كل من يستعمل السلاح لغير الحاجه يمكن من خلال كل ما ذكرت أن يساهم في تخفيف انتشار هذه الظاهرة .
و ينوه ” أن أغلبية الشباب يتقنون استعمال الأسلحة دون تدريب فحتى الأطفال يعون استخدامه ، و لكن في ذات الوقت الأجهزة الأمنية قادرة على السيطرة على الوضع و أبسط مثال ما حدث للسيارات المعتمة بالمدينة .
يرى ” سلطان عبدالله ” بأن هذا يدل على الجهل والمرض و من المفترض على عقلاء القبائل أو وجهاء المدينة منع هذه الظاهرة غير الأخلاقية ، بتنا نعيش في دولة الميليشيات دولة الفوضى جراء هذه الظواهر ، ونسأل الله العلي القدير أن يرحم البلاد والعباد.
و شدد على ” ضرورة تفعيل الدوائر الأمنية ودعمها مثل الأمن الداخلي والأمن الخارجي ويجب أن يكون جيشا موحدا يساند هذه الدوائر الأمنية ، ولكن هيهات هيهات يجب أن يكون على رأس هذه القوات أناس وطنيون وشرفاء .
بينما يعتبر ” إبراهيم حسن طالب جامعي” أن عدم مخافة الله والتعلق بالعادات القديمةالزائفة هي الدافع لانحدار الشباب خلف الظواهر التي لا طائل منها سوى الضرر ، والعقوبات وحدها لا تجدي نفعا ما إن لم تكن هناك قوة تفرض القانون ، و أنصح بالقوة الضاربة والتوعية اللازمة لذلك السبب الأساسي غياب القوة وليس انتشار السلاح كما يزعم البعض ، و لا يمكن فعل أي شيء إن لم تكن هناك قوة تفرض ذلك.
و يقول ” المحامي علي المبروك ” قانون العقوبات الليبي وضع عقوبة رادعة حول حيازة السلاح دون ترخيص حتى مجرد إزعاج الناس وضع لها عقوبة وجرم الفعل هذا أما فيما يتعلق بالقضاء عليها يجب تقديم شكوى من الطرف المتضرر سواء من الإزعاج أو الإيذاء من السلاح وطرق الحد منها على الدولة تفعيل المؤسسة الشرطية من أجل القضاء على تلك الظواهر.
ما هي الأسباب التي تدفع المواطنين لاستخدام الأسلحة النارية الثقيلة و الخفيفة في مناسباتهم الاجتماعية و خاصة الأعراس ؟
يعتقد أنه ” يرجع السبب الأول و الرئيسي لغياب الواعز الديني والدور التربوي من الآباء تجاه أبنائهم ، إضافة إلى عدم وجود قوانين رادعة وعدم فرض عقوبات على مرتكبي هذا الفعل الإجرامي القاتل وهذا يعتبر السبب الثاني لهذه الظاهرة.
وأفاد ” لا يمكن القضاء على هذه الظاهرة أو الحد منها إلا بإصدار قانون يحاسب أصحاب المناسبات “العريس” المقدمين على استخدام الأسلحة بدفع غرامة مالية باهظة باهظة أو السجن في حالة عدم الدفع وهذا القانون أثبتت نجاعته في فترة النظام السابق. ماهي الأسباب التي أدت إلى تفاقم و انتشار هذه الظاهرة؟
ويرى أنه ” من أسباب تفاقم هذه الظاهرة انتشار السلاح بشكل عشوائي ، و مما نتج عنه استخدامه من قبل أشخاص غير مدربين على حمله و استخدامه، و لذلك تقع الكوارث والضحايا جراء هذا العمل. “الجهات المعنية ليس لها المقدرة على إيقاف هذه الظاهرة ” و أشار إلى أنه ” الجهات المعنية للأسف ليست لها المقدرة على فرض غرامة أو القبض على مرتكبي هذا الجرم ليست هناك قدرة وذلك لغياب هيبة الدولة والفراغ الأمني. و أكد “العقيد يوسف صالح الكشكري ” ضابط سابق في إدارة المنافذ لمدة 4 سنوات ، و ضابط سابق بالدعم المركزي لمدة 10 سنوات وحاليا يشغل منصب رئيس رقابة جوازات مطار سبها الدولي منذ 7سنوات “. استخدام الأسلحة يرجع في بعض الأحيان إلى التباهي وإظهار نوع من النشوة والقوة من أصحاب المناسبة (الفرح) في غياب الثقافة والوعي ظنا منهم أنهم بذلك يدلون على قدر واعتزازهم بالـ (عريس ) وكذلك لعدم مسؤولية أولياء الأمور لأبنائهم بترك تلك الأسلحة في متناولهم وعدم التحريز عليها يسبب استخدامها حتى من القصر.
بين ” لكي تتكون جريمة متكاملة لابد من توافر شروطها وهي الركن المعنوي والركن المادي و عدم توفر هذه الشروط لا يعنى عدم وجود جريمة أصلا فهنا نكون أمام جريمة قتل خطأ نتيجة لتسيب ورعونة من هذا الفعل الذي في حد ذاته فعلا مجرما فالقانون وضع ضوابط وقواعد لمن يحمل السلاح وطرق استخدامه والجهات المخولة بمنح هذا الإذن بالاستخدام وقد ضيقت ذلك هنا ومرتكب هذا الفعل يكون مرتكبا لجريمة قتل بالخطأ الوصف القانوني للظاهرة .
تابع ” أولا للقضاء عليها لابد من نشر الوعي بمخاطر الأسلحة وهنا الوعي المجتمعي والوعي الديني بالإضافة إلى سن قوانين وجعل الظروف في استخدام الأسلحة وجرائمها مشددة جدا جدا .
و أشار إلى ” شراء الأسلحة بمبالغ مغرية تجلب من يحملها للتخلص منها وذلك بتعاون دولي في هذا المجال ، فمثلا سعر الرصاصة في السوق السوداء 3 دنانير و يتم شراؤها بمبلغ الضعف مما يدفع الكل للتخلص منها وعدم قدرة الآخرين على شرائها.
و أفاد ” يقال إن عدد السلاح المنتشر في الأراضي الليبية يقدر بحوالي 30 إلى 35 مليون قطعة سلاح وهذا الرقم كبير جدا جدا ، مقارنة بعدد السكان أي بحوالي 7 قطع لكل فرد. و ذكر أنه ” أما على المقدرة على الاستخدام فالكل استخدم الأسلحة بشكل فطري وأحيانا بالصدفة أو بالمحاكاة أي بالتقليد فجل من يستخدمها لا يعرف أعطالها ولا مواصفاتها ولا حتى المدى المؤثر منها أو هل ما بحوزته سلاح أفراد أو سلاح آليات ، بالإضافة إلى أن استخدام الأطفال يرجع إلى الأهل بالدرجة الأولى من عدم المتابعة وعدم التنبيه بخطورتها وكذلك تركها لهم في أماكن سهلة الوصول .
و استرسل “يمكن التغلب و التخلص من هذه الظاهرة من خلال التوعية بمخاطرها عند إتمام إجراءات العقد وجلب تعهد بذلك وأن صاحب العقد ملزم قانونيا بعدم استخدام الأسلحة وملزم أدبيا بذلك ، ويتم إيضاح أنه في حالة استخدامه وثبت عليه ذلك أنه سوف يغرم بمبالغ مالية بالإضافة إلى كون الفعل مجرم قانونا.
و نوه أنه ” اشترط قانون الأسلحة والذخائر للعام 1967 فيمن ترخص له وزارة الداخلية حيازة أو إحراز سلاح ناري: أن يكون حسن السيرة، سليم العقل والإدراك، بالغ سن الرشد، ولم يحكم عليه سابقا في جريمة من جرائم الاعتداء على النفس أو المال أو المخدرات، وألا يكون قد سبق دخوله مستشفى أو مصحة للأمراض العقلية.
وهو ترخيص مؤقت يحتاج إلى تجديد سنوي، وقابل للإلغاء لأسباب عديدة. أضاف ” ويقضي القانون رقم 2 لسنة 2014 بأن فعل حيازة أو إحراز الأسلحة بالمخالفة للقانون يعد جناية يختلف مقدار عقوبتها باختلاف نوع السلاح، وفي جميع الأحوال فالعقوبة تجمع بين السجن وبين الغرامة، وتزاد بمقدار لا يجاوز الثلث متى حمل السلاح في الأماكن العامة.
حبس و غرامة بسبب إطلاق الأعيرة النارية.
و شدد على أن القانون ذكر بخصوص إطلاق الأعيرة النارية، في حي مأهول، أو في أماكن مجاورة له، أو في الطريق العام؛ بأنه فهو جنحة حدد له القانون رقم 29 لسنة 1994 عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبالغرامة التي لا تقل عن مائتي دينار ولا تجاوز أربعمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.
و ذكر بأنه ” ومن المعلوم أن القتل بالخطأ يعامل جنائياً في بلادنا منذ 1994 وفقاً لأحكام القانون رقم 6 بشأن القصاص والدية، وهو قانون يعتد فقط بالمركبة الآلية كوسيلة خطيرة للقتل الخطأ.
الرأي الديني.
أفاد ” صالح إبراهيم حامد البي ” نهى الشرع الحكيم الناس الذين يطلقون الأعيرة النارية في الهواء و أوجب عليهم أن يكفوا عن ذلك لعدة أسباب أولها : (أن في ذلك إضاعة للمال وقد نهينا عن ذلك كما روى البخاري: إن الله كره لكم القيل والقال و أضاعة المال وكثرة السؤال.
و أضاف ” كذلك إن في ذلك ترويعا للآمنين والنائمين وفيهم مرضى وأطفال ، إن إطلاقها في الهواء مظنة الارتداد فتصيب الناس وممتلكاتهم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:( لا ضرر ولا ضرار).
وتابع ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، وغير ذلك من مفاسد هذه العادة غير الرشيدة ، وقد أفتى بعض العلماء بحرمة إطلاق الرصاص العشوائي في المناسبات لما وقع من حوادث قتل بسببه وألزموا مطلق النار الدية والكفارة على أنه قتل خطأ والله أعلم.