بقلم :: إبراهيم عثمونة
اسمع / كانت إذا التفتْ أطرافه بسرعة وعاد بظهره لظهر الكرسي وابتسم ، عندها نعرف أنها مرت الآن بباله.
وإلا ما معنى أن يبتسم !!
وكنا نسأله لمن تفعل كل هكذا يا “مسعود” ؟! لكنه لا يجيب بشيء بل ظل يخفيها في باله عنا ويغلق عليها حتى لا نراها.
حاولنا أن نعرف بشتى الوسائل ، خاصة حين صار يفرد لها ابتسامة أعرض ، ويأخذ لحضورها وضعاً يبدو فيه كطالب ابتدائي على مقعده الأمامي ، لكننا فشلنا في الوصول لمكان هذه الابتسامة الجديدة التي طفقت مع الوقت تزيده وسامة وروعة.
كان حذراً منا ، وكان يخشى أن نشعر بها ساعة تمر على باله ، فصار يخفيها عنا بطاقية وعمامة ظاناً مسعود أن البال موجود في الرأس . لكنه رغم الحيطة والحذر ورغم الطاقية والعمامة حدث أن فضحه طفل لم يتعد الخمس سنوات.
ابتسم يومها سي مسعود وابتسم معه الطفل.
كان بالصدفة يضمه له ويُجلسه في حجره أمامه لحظة مرت هي بباله.
فأخبرنا بعدها الطفل أن امرأة جميلة جداً جاءت ووقفت أمامهما ، وابتسمت لـ مسعود أولاً ثم ابتسمت له ، وبقيت لدقيقة ثم غادرت بهدوء ، وحين أشيع في القرية أن الطفل قد شاهدها هرعنا له لنسأله عن أوصافها وعن شكلها . أعطيناه قلماً ليتذكر ويرسمها فوعدنا أنه يوم يكبر ويتعلم الرسم سوف يرسمها ، حاولنا معه فأكد لنا أنه حتى لو حدث له ما حدث سوف لن تنمحي صورتها من رأسه ويوم يكبر سوف يرسمها ، لكننا لن ننتظره حتى يبكر ويتعلم الرسم ، بل تلفتنا وصرنا نقلب عن فكرة ، ليأخذ بعدها واحد منا ويفتح أمام الطفل شاشة الأنترنت ويستعرض أمام وجهه كل نساء الأنترنت ، لعلها تكون بينهن أو لعل مَن يشبهها تكون بينهن ، وبعد اسبوع على النت وضع الطفل اصبعه على أجمل امرأة مرت على الشاشة وعلى أجمل امرأة ستمر على الشاشة ، وأخبرنا إن لم تكن هذه الصورة لها فهذه الصورة تشبهها تماماً.
ومن يومها لم يعد مسعود لوحده يجلس كطالب ابتدئي حين تمر صورتها على باله ، بل صرنا جميعاً في القرية نفعل مثله.
ومن يومها ما عدنا نسأله ، لالا ، وإنما صرنا ننتظر حتى تمر هي على باله ونشاهده يبتسم ويلف أطرافه من فوق الطاولة ومن تحت الطاولة فنلف نحن اقدامنا وأيدينا ونبتسم ابتسامة جماعية . ومن يومها صرنا ندنو منه لعلنا نشاهدها تبتسم له ولنا ، ومن يومها يا عزيزي صار مسعود في عيوننا قديساً وصارت هي الحورية.