- المستشارة القانونية : فاطمة مفتاح عبدالنبي درباش
عمالة الأطفال هي أعمال تضع عبئا ثقيلا على الأطفال وتعرض حياتهم للخطر، ويوجد في ذلك انتهاك للقانون الدولي والتشريعات الوطنية، فهي إما تحرم الأطفال من التعليم أو تتطلب منهم تحمل العبء المزدوج المتمثل في الدراسة والعمل.
يحق لكل طفل أينما وجد بأن يتمتّع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية والكرامة والمساواة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويتمتّع الأطفال بنفس حقوق الإنسان العامة التي يتمتع بها البالغون، بالإضافة إلى حقوق خاصة تعترف باحتياجاتهم الخاصة.
فالمفهوم الإيجابي لعمالة الأطفال يتضمن كافة الأعمال التطوعية أو المأجورة التي يقوم بها الطفل، والتي تناسب عمره وقدراته، والتي يكون لها آثار إيجابية تنعكس على نموه العقلي والجسمي والذهني؛ إذ يتعلم الطفل من خلال العمل المسؤولية والتعاون والتسامح.
والمصطلح يشير إلى العمل الذي يشكل خطرا نفسيا أو بدنيا أو اجتماعيا أو يضر أخلاقيا بالأطفال و/أو يؤثر سلبا على دراستهم من خلال حرمانهم من فرص الالتحاق بالمدارس؛ وإلزامهم بترك المدرسة قبل الأوان؛ أو إرغامهم على محاولة الجمع بين الحضور المدرسي والعمل الطويل والمضني بشكل مفرط،ومن الآثار المترتبة على عمالة الأطفال التعرض لظروف عمل صعبة، قد لا تناسب حالة الطفل الجسمية والعقلية، وحرمان الطفل من الحصول على قدر مناسب من التعليم،كذلك حرمان الطفل من التمتع بطفولته.
اتفاقية حقوق الطفل هي معاهدة دولية تقر بحقوق الإنسان للطفل، وتعرّفه بأنه أي شخص دون سن الثامنة عشرة. وتحدد الاتفاقية وبموجب القانون الدولي أنه يجب على الدول الأطراف أن تضمن لجميع الأطفال — ودون أي شكل من أشكال التمييز — الاستفادة من إجراءات خاصة لحمايتهم ومساعدتهم؛ والحصول على الخدمات من قبيل التعليم والرعاية الصحية؛ وأنه بوسعهم تطوير شخصياتهم وقدراتهم ومواهبهم إلى أقصى إمكاناتهم؛ وأن ينشؤوا في بيئة تسودها السعادة والحب والفهم؛ وأنهم يدركون حقوقهم ويشاركون في إعمالها بطريقة ميسّرة وفاعلة.
ويحظر قانون الطفل تشغيل الأطفال قبل الرابعة عشر من العمر، ولكنه يسمح للأطفال فيما بين الثانية عشرة والرابعة عشرة بتلقي التدريب المهني من أصحاب العمل. بالتالي فإن عمالة الأطفال تمثل انتهاكا جوهريا لحقوق الإنسان.
إن قضية مكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال معقدة ويتداخل فيها عدد كبير من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أن هناك أسبابا كثيرة وراء عمالة الأطفال، بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل الفقر والتسرب من التعليم، والعادات والتقاليد، وحجم الأسرة وثقافتها، والحكومات الفاسدة، وغير ذلك من الأسباب،فهي تحرم الفتيات والفتيان من حقهم في العيش كأطفال والحصول على تعليم جيد والأمل بمستقبل أفضل، وتُعرّض أسوأ أشكال هذا العمل الأطفال للعبودية والأعمال الخطرة والنشاطات غير المشروعة. فتتلخص أسباب انتشار ظاهرة عمالة الأطفال في المستوى الثقافي للأسرة حيث أن فائدة التعليم غير معروفة لهم،الاستعمار والحروب والأزمات التي تخلق عبئا اقتصاديا كذلك النقص بمعرفة قوانين عمالةالأطفال،أيضاًالعنصرية ،الفقر فالأطفال يرغبون بمساعدة أسرهم، وعجز الأهل من الإنفاق على أولادهم.
ويمكن القضاء على ظاهرة عمالة الأطفال بتوسيع النهج المتكامل للمنطقة لمعالجة الأسباب الجذرية لعمالة الأطفال. الالتزام بالحد الأدنى لسن القبول في العمل وسن إكمال التعليم الإلزامي، تعزيز السلامة والصحة في مكان العمل لجميع العاملين، ولكن مع توفير ضمانات محددة للأطفال بين الحد الأدنى لسن القبول في العمل وسن 18 عن طريق إعداد و تحديث قوائم عمل الأطفال الخطرة.
اليوم تكتظ الطرق في بلادنا ليبيا بأطفالٍ في عمر الزهور أمام مرأى المواطن والمسؤول ،والمدافعين عن حقوق الإنسان ،يبيعون الورود ويتسولون الأكل ،وعليهم آثار الضرب ومعالم الإكراه في امتهان هذه المظاهر،نجدهم حتى في ساحات القتال وقوداً ودروعاً.