بقلم :: جهاد النفاثي
لا يزال خطاب العنف والكراهية يدك مضجع شاشاتنا الصغيرة ليتحول إلى كابوس مؤلم يهدد المجتمع الليبي .
تطورت ظاهرة الإرهاب في مجتمعنا الليبي في السنوات الأخيرة لتشمل الإرهاب الإعلامي عن طريق بث خطاب العنف والكراهية والتحريض والجهوية والقبلية ، وذلك كان نتيجة طبيعية نظرا لما تعيشه ليبيا من توترات قائمة على التعصّب القبلي والجهوي والسياسي وأخيرا المذهبي وحساسيات اجتماعية تحمل نزعات نحو رفض الآخر .
إن خطاب العنف والكراهية عبر وسائل الإعلام اتسع وتشعب وانتشر بشكل ملحوظ ، وأصبح أداة خطيرة لا تهدد السلم الاجتماعي وحسب إنما الأخلاقي والتربوي أيضاً.
يأتي ذلك في غياب المعايير و الضوابط الإعلامية ، واستخدام التيارات السياسية ، الدينية والثقافية المتصارعة و رؤوس الأموال لوسائل اتصالية وإعلامية مختلفة تعمل على هواها والتحريض من خلالها دون حسيب ولا رقيب ..
وذلك يأتي أيضاً في ظل غياب الإعلاميين المهنيين الموالين للوطن ووعيهم بالإعلام ورسالته السامية واستبدلوا بـ ( أبواق ) تنعق بما يريده مالك هذه الوسيلة الاتصالية بما يتنافى مع أخلاقيات العمل الإعلامي والمسؤولية الاجتماعية والأخلاقية تجاه هذه المهنة أولا ومن ثم تجاه الوطن .
و استبدلت من رسالة بناء ومصالحة وتضميد الجراح ونشر ثقافة التسامح ولم الشمل وأصبحت معولا للهدم و أداة من أدوات الإقصاء في المجتمع وذلك لأنها تخضع لأهواء بعض ممن يسمون بــ(النخب) .
نتج عن ذلك ضرب المنظومة الثقافية و الأخلاقية للمجتمع الليبي وحدث شرخ كبير في النسيج الاجتماعي ، تكاثرت بؤر الصراعات، وتطورت إلى حروب عبثية بين أشقاء الوطن ، وتشظى وانقســـم المجتمع الواحد إلى عدة فرق ( جهوية ، قبلية ، أيدولوجية ، دينية ) ارتفع معدل الجريمة والقتل والحرابة وأصبح الهروب ديدن المواطنين فراراً من بؤس الحياة وفقدان الأمن والقتل والاضطهاد ، كل هذه العوامل سـاهمت في انهيار ليبيا وعندما نرى السبب الرئيسي والواضح نجد الإعلام استخدم كوسيلة لكل ذلك وبالطبع وراء ذلك ( السياسيون ) …
لابد من وضع حلول مستعجلة من قبل المتخصصين للحد من خطاب العنف والكراهية ووضع أسس ومعايير للحد من هذا الخطاب لما يشكله من خطورة قصوى تهدد حقوق الإنسان وتضرب النسيج الاجتماعي وله تداعيات تمس استقرار المجتمع ، ووضع آليات لنشر التوعية بالقوانين والمعايير الدولية لحقوق الإنسان ما للإعلامي وما عليه ، و أن تساهم في وضع ضمانات لممارسة حرية التعبير دون الانزلاق إلى خطاب الكراهية والتمييز .