محمود السوكني
هو أمريكي أصوله وجذوره من بلاد العم سام ، ينتمي إلى دولة عظمى يحلم الملايين بالعيش في ربوعها، وهو عسكري منخرط في مؤسسة عسكرية لأقوى جيش في العالم ، ليس نفراً أو عامل بدالة أو مكلف بعمل هامشي لكنه مهندس طيّار في سلاح الجو الأمريكي ، كان “آرون بوشنل” وهذا إسمه ، في ريعان شبابه ، لم تفسده حياة المجون التي تغوي انداده وهي متاحة أينما توجهت في تلك الديار .
كان هذا العسكري البالغ الخامسة والعشرين من عمره يحمل مشاعر إنسانية فياضة تجاه الأخرين ، كان رغم طبيعة عمله الفظ الذي يتطلب الصرامة والشدة وبرودة الأعصاب لا يرضى الظلم ولهذا تقدم بثبات نحو سفارة الصهاينة في عاصمة بلاده واشنطن دي سي مندداً بالحرب الوحشية الظالمة التي تقترفها العصابات الصهيونية ضد الفلسطينيين في أرضهم وأمام أعين العالم دون أن يرف لحكوماته جفن ، وقف شاخصاً بصره صوب النجمة السداسية وهو يصيح بعلو صوته قائلاً ” لن أكون متواطئاً بعد الآن في الإبادة الجماعية ” كان الوقت نهاراً عند الواحدة ظهراً ، الشارع مزدحم بالمارة الذين لفت إنتباههم ذلك الشاب المتقد حيوية في بزته العسكرية وهو يصيح بصوته الجهوري “الحرية لفلسطين ” ، ودون تردد ، وبعزم اكيد ، سكب الوقود سريع الاشتعال على جسمه وأضرم النار التي لم تمنعه من الهتاف لأكثر من مرة “الحرية لفلسطين” حتى توقف عن التنفس فيما سارع المارة بنقله إلى المشفى وهناك غادرت الروح جسده المتفحم .
كان هذا حال الأمريكي المرفه الذي لا تربطه بالعرب صلة نسب ، ولم يعتنق يوماً الدين الإسلامي ولم يُعرف عنه شدة تدينه ولكنه إحساس الإنسان السوي الذي تملكه وهو يتابع بألم الجريمة البشعة التي تنفذها حكومة النتن وتغذيها حكومة بلاده وأذيالها وتباركها الحكومات العميلة وتغض الطرف عنها الحكومات الخانعة والذليلة .