بقلم :: عائشة الأصفر
اشتعلت الدفوف مع الصاجات مع الطبل القائم في الحان إيقاعية متباينة،ومنسجمة، كانوا متصلي الزنود والنبضات بعضهم وقوف ، وبعضهم جلوس..التحم الحضور، تتمايل الرؤوس تنحني أماما وخلفا تجذُب يمنة ويسرة وفي حركة دائرية سريعة بعد كل انتشاء تاهت الأبصار زاغت في ملكوت العشق الإلهي أو هكذا تبدّى للمفسرين..وفي خضم التهلل والتعلل يأتي صاحب القدم الأعرج يقفز بقدم واحدة وسط حلقة الذكر،هام حد السُكر، وباشر في الترنح..بدأ اللعاب المتسايل من فمه المرتخي يغطي ذقنه وسقط صريعا..جرى نحوه “الشاوش” المعني بمثل حالته،ضربه بين كتفيه ووسط كفيه..وتركه ممددا،..وعلى صوت..
لا إله إلا الله ,,,,الله الله مولانا
لا إله إلا الله ،،،، الله الله مولانا
هاج الحضور مع الذكر، مع اشتداد وقع الدفوف،مع رائحة الجاوي تعبق المكان ،شعرتُ بالرغبة في أن يتسارع الجذب أكثر مع تسارع الإيقاع حتى أتمكن من الطيران،وأنا أجذب وأنفض رأسي هنا وهناك..لا أعرف إلى أين؟ لكنني شعرتُ برغبة في التحليق،وكأن الابتهالات والإيقاعات تصعد أعلى الرؤوس، أعلى الأسقف،تخرج من مجال المكان وحدوده، لا أعرف إلى أين؟ لكنني أريد أن أسبح،هل في ملكوت الله؟! هل في همومي التي استحضرتها لحظتها؟ لن أكذب على نفسي ..كل شيء خطر لي مع دموعي،كل شيء..وأريد أن أهرب من كل شيء ..حتى من مريم ..حتى من سمر.. حتى من أمي من زوجتي وأولادي..كرهتُ هذا التراب وهذه الأرض، وشعرتُ بدوار غريب وأرجلي ترتفع وترتفع من على الأرض، صارت حلقة الذكر تحتي ،وأنا أنفذ عاليا،في ضبابٍ دخاني وهمسات ذكر حانية، ودفوف نائية ،وظلام ومجرات، وقبس بعيد..بعيد..وأنا مثل صاروخ رأسه يشق عنان السماوات،..ثم ظلام وصمت..فضجيج..وأحدهم يضرب كفي..وماء على وجهي، …إنه حضرة “الشاوش”..وأنا مصلوب على ظهري وسط حلقة الذكر، إني تماماً مثل صاحب القدم الواحدة، لم يفق بعد..ما زال مصلوبا بجانبي..أفقتُ قبله..لا شك أن صدمته كانت أقوى ..تُرى إلى أي سماء وصل ؟ تساءَلت .