عثمان البوسيفي
كنت في طور التفكير في الكتابة عن 50 ألف البرلمان أو عن بقاء الصديق الكبير في منصبه منذ عشر سنوات ولم يستطع البرلمان الفاسد من تغييره لكن مقتل الشاب أنس أمام بيتهم في سبها دفعني لتغيير دفة الحديث عن حال الوطن هناك والمواطن الحالم بدولة تأتيه من ظهر الغيب دون أن يفعل شيئا من أجلها . ذنب أنس الوحيد أنه دافع عن هاتفه النقال في مواجهة عصابة مجرمة تقود هونداي فيرنا تعودت أن تمخر عباب الشوارع البائسة في سبها دون حسيب أو رقيب . آلاف من القوات المسلحة تعج بهم المدينة وينتظرون مرتباتهم آخر كل شهر مع آلاف آخرين من الشرطة التي فقدت كل شيء بما في ذلك ظلها. وظل المجرمون وهم مهما تناسلوا يفرضون سطوتهم على عاصمة الجنوب . أنس لم يكن أول قتيل تقتله تلك السيارة ذات المحرك الضعيف لكن السؤال أين سيارات الشرطة ذات الدفع الرباعي هل هي عاجزة عن صد هؤلاء القتلة وردعهم ؟
الحديث عن الأمن أهم في نظري من الحديث عن الأكل والشرب في بلاد فقدت كل شيء وظلت تحلم بكل شيء دون أن تفعل شيئا . سوف يقتل شاب آخر يدافع عن عرضه وشرفه وسوف نركض مرة أخرى للتعزية ونحن نستظل بعبارة (الله غالب) ونتحدث كثيرا عن أهمية الأمن في المدينة ولا نفعل على أرض الواقع ما يمنع المجرمين من مواصلة قتلهم للبسطاء الحالمين بحياة تليق بالبشر . كم الكتابة مؤلمة عن رحيلك بهذه الطريقة البشعة والتي لا تحرك ساكنا في قطيع تعود على ما يبدو إلى الاستكانة إلى الأحلام وإلى الدعاء فقط أن يغير الله الحال إلى حال أفضل وهذا لن يحدث دون عمل من البشر القاطنين في تلك المدينة . سكان سبها الأعزاء ولي فيهم صلة رحم توقفوا عن النوم في الحنظل وتعاونوا جميعا من أجل حياة آمنة تستحقونها وتناسوا خلافاتكم مهما كانت كبيرة من أجل مدينة أكبر . كلمات تركها الراحل أنس على جدار صفحته في الفيس بوك وهي للشاعر الكبير أبوالطيب المتنبي (وإذا لم يكن من الموت بدٌ فمن العار أن تموت جبانا ) . أنس الله يرحمك كنت شجاعا في زمن الخذلان …