محمود السوكني
رغم أن “كريم خان” المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية قد ساوا بين الضحية والجلاد ، غير أنه استطاع أن يصنع ما عجز غيره عن فعله . لم يتجرأ أحد فيما سبق أن ادان العصابة الصهيونية وجرجرها إلى ساحة القضاء واستصدر أمراً قضائياً بجلب قادتها الهمج إلى المحاكم .
كل من إنتقد النظام النازي في تل أبيب لم يتجاوز كلامه مقعده ، حتى مجلس الأمن الذي يُرعِب الأسرة الدولية برمتها حين يصدر قراره بالإجماع ، لم يستطيع يوماً أن ينفذ قراراً واحداً لا ترضى عنه تل أبيب وترفضه وأشنطن .
هذه المحكمة إستطاعت أن تقول لا في وجه الكيان المسخ ، إستطاعت أن تعصي (أوامر) البيت الأبيض ، وأن تهزأ بتهديداته التي طالت كل أعضائها ، وتصدر قرارها الصارم الملزم للدول الأعضاء المائة وأربعة وعشرين عضواً ، والقاضي بإلقاء القبض الفوري على السفاح النتن وصنوه القاتل وزير حربيته السابق ، وتسليمهما إلى المحكمة للإقتصاص منهم بعد أن اغرقوا المنطقة برمتها في برك من الدماء ، قتلوا الشباب ، رملوا النساء ، دبحوا الأطفال ، قضوا على الشيوخ والعجائز ، دمروا كل شيء ، لم يتركوا مبنىً قائماً ، إستوت العمارات والمساكن بالأرض ، أكثر من مائة وستة وأربعون ألف بين شهيد ومقعد وجريح ، مئات الألاف بين نازح ومفقود ، كل هذا الظلم ، وهذا الإحتلال الممتد لستة وسبعين عاماً ، وعندما تنتصر عدالة السماء ويصدر قراراً بتوقيف عتاة المجرمين ، ينبري البعض ممن لا تعجبهم خطوة قانونية تستند على تهم مؤكدة يشهد على إرتكابها القاصي والداني ، فتقابل بالصد والرفض بل وإتهام المحكمة بعدم الحيادية ومعاداة السامية !!
رئيس الأرجنتين يدين قرار المحكمة الذي (يشوه) العدالة ، ويدعو النتن إلى زيارة بلده دون خوف وبضمانته شخصياً ! أمريكا (زعيمة العالم الحر) ترفض القرار (المشين) جملةً وتفصيلا ! والدولة المارقة تتهم المحكمة بإصدار قرار (كله أكاذيب سخيفة) !
ويضيف رئيسها المغوار بأن المحكمة (حوّلت نظام العدالة إلى درع بشري لجرائم حماس ضد الإنسانية) ! ويختم وزير الأمن المخبول (أطالب بقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية فوراً وفرض عقوبات عليها ، وعلى إسرائيل فرض السيادة على جميع أراضي يهودا والسامرا “الضفة الغربية” والإستيطان في كل أنحاء فلسطين) !
تم ماذا كان رد فعل (الأشقاء) ؟ كيف إستقبلوا هذا القرار بحق (قادة دولةجارة) تربطهم بها علاقات دبلوماسية وتجارية وحبيّه ؟! هل سيقبض على النتن إذا ما فكر في زيارة لواحدة منها ؟ أم أن الزيارات السرية الغير معلن عنها لا تدخل تحت طائلة القانون !
