أحمد خالد
إذا أردت أن يستغفر لك كل مخلوقات الله عز وجل، وليس الناس أو الملائكة الكرام فحسب، وإنما كل من خلقه الله تعالى، فعليك العمل بثلاثة أعمال صالحة وهي –
: العمل الأول : أن تكون مؤذناً أو تقول كما يقول المؤذن فقد روى ابنُ عُمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( «يَغْفِرُ اللهُ لِلْمُؤَذِّنِ مُنْتَهَى أَذَانِهِ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسِ سَمِعَ صَوْتَهُ» ). رواه أحمد وصححه الألباني .
ويقصد بالرطب: كلُ نامٍ، ويقصد باليابس: الجماد . فعندما سمع أحد الصحابة رضوان الله عليهم بعض فضل المؤذنين أراد أن يسابقهم، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن المؤذنين يفضلوننا، فبماذا أرشده النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ( «قُلْ كَمَا يَقُولُونَ، فَإِذَا اِنْتَهَيْتُ فَسِلْ تُعْطِهِ» ) رواه أحمد وصححه الألباني ..
فإذا أردت أن يستغفر لك كل رطب ويابس سمع صوت المؤذن، فردَد خلف المؤذن تنل هذا الثواب الجزيل .
العمل الثاني : طلب العلم وخصوصا العلم الشرعي، ومن فعل ذلك فلن يستغفر له سبعون ألف ملك، ولا مليون ملك، وإنما سيستغفر له كل المخلوقات التي بثها الله تعالى في كونه.
قال صلى الله عليه وسلم : ( «مِنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَاَئِكَةَ لتضَعُ أَجَنَحْتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رَضًّا بِمَا يَصْنَعُ، وَإِنَّ الْعَالَمَ لَيستغفرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأرْضِ حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالَمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُورِثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا ؛ إِنَّمَا وَرَثَوَا الْعِلْمُ، فَمِنْ أخْذِهِ أَخَذَ بِحَظِّ وَافِرِ» ). رواه الترمذي
إن تعلم دين الله من أفضل الأعمال وأكثرها أجراً، وتأمل أن كل شيء سيستغفر لك لو فعل ذلك فقد قال صلى الله عليه وسلم : («إِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْبَحْرِ»). [صححه الألباني] ،
وسلط عينيك وفكرك على كلمة (كل شيء)، فكل شيء سيستغفر لك، وسيطلب من الله لك المغفرة، وتخيل هذا العدد الهائل، مليارات الملائكة، ومليارات من دواب الإنس والجن والحيوانات والحشرات والأسماك والنباتات وسائر مخلوقات الله تعالى التي لا نعلمها، كلها مسخرة لتستغفر لك، إذا كنت تتعلم خيرا.
العمل الثالث:- الدعوة إلى الله تعالى وتعليم الناس الخير من فعل ذلك استغفر له كل خلق الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ » ) [رواه الترمذي وصححه الألباني] .
إن تعليم الناس الخير من أفضل الأعمال وأكثرها أجراً، وتأمل أن كل شيء سيستغفر لك لو فعلت ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( «مُعَلِّمُ الْخَيِّرِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْبَحْرِ» ). (صححه الألباني .) وكم في هذا الحديث من حافز يدفع كل داعية إلى عدم الكلل والملل من إلقاء الدروس والمحاضرات والكلمات التوجيهية خاصة إذا طُلب منه ذلك، يا له من فضل عظيم يغفل عنه الناس، و يا له من شرف عظيم أن يستغفر لك كل شيء، إذا كنت تعلم الناس الخير، ألم يقل الله لنا : ( {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ). [سورة فصلت : 33] اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ .