- بقلم / عبدالواحد حركات
الحرية– الحاضر الغائب لحضوره- أي حضور يحقق الغياب، فحرية البعض تشكل اعتداءً صريحاً على حرية البعض الآخر، وإفراط أحدنا في تعاطي حريته يشكل عجزاً أو افتقاراً أومنعاً للآخر ومصادرة لحريته، سواء تم ذلك طوعاً أو كرها، بمقابل أو بالمجان..! الحرية حين تخاصم المسؤولية وتفارق الانضباط تتحول إلى عدوان وقهر وافتراس بهائمي، تتحول إلى عبثية طائشة وغاشمة على قيمة الإنسان – خليفة الإله- وكينونته وسطو على جوهره ..! أيها الإنسان العابث.. أنت حر في السير والعيش ولكن لا تضع قدمك على رقاب إخوتك رجاءً، ولا تجعل من ضعفهم وسيلة لمصادرة حريتهم تحت أي مسمى، لا تتكئ على ضعفهم أو جهلهم أو فقرهم لتبتزهم، وتصادر منهم الحرية التي تنشدها لنفسك وتريدها حكراً عليك، لا تتعلل ببؤسهم أو هزيمتهم أو صمتهم أو كل المرادفات المحشوة بالضعف والتي تعني أو تساوي طيبتهم..! إن كنت قادرا فهنالك من يقدر عليك .. وإن كنت قد تجردت من إنسانيتك وتعودت غرس أنيابك وأظافرك في الأجساد، فاترك إخوتك ينعمون بإنسانيتهم ويناجون خالقهم بكامل طهرهم ونقائهم، ابتعد عنهم خطوات تسمح لهم بلملمة فزعهم، وتزيل عنهم ظلالك القاتمة الشوكية المربكة المخزية الكئيبة، كن قوياً بمخالبك وأسلحتك وأتباعك، واتركهم أقوياء بنقائهم يفترشون ضمائرهم ويتدثرون بقناعاتهم ويتغنون بيتمهم اللذيذ من الكره والبغض والطمع والتغول..! أرجوك .. لا تحمهم من أحد، ولا ترفع على كتفيك مسؤولية تأهيلهم وإبعادهم عن لؤم ودسائس الآخرين، لا تتورط في التضحية من أجلهم فلم يطلبوا ذلك منك ولن يطلبوه إن عرفوا أن ثمن تضحيتك الباهظ هو إذلالهم وقهرهم، لا تسكن القصور وتنهب الأموال وترعب الأطفال وتجهض النساء بدعوى حمايتهم، فقط ابتعد عنهم وسيكونون بخير..! حررهم من ظلالك ومن أيدولوجياتك ومن ثاراتك ومن بسوسياتك وذي قارياتك ومن كل تاريخك الموبوء والمشحون بالضغائن، اترك لهم فرصة الحياة مع الآخرين وبهم ووسطهم ما دمت تأنفها وتزدريها، لا تصادر حاضرهم لتحشرهم مكرهين في الذكريات السوداء، اترك لهم فرصة عيش اليوم والصفاء وخذ أمسَك معك وارحل عن سمائهم رجاءً..! ألم تعلم أن الحرية مسؤولية، معتقل أخلاقي لمن يعقل..! لا تكرههم على محبتك وتسوقهم خلفك في المحافل مزمرين، لا تشتري الأعداء لتتاح لك فرصة وضع قدمك على رقابهم وسجنهم واستباحتهم، انتهز فرصة الحياة وعش، لن تأسى إن عانقت السلام ونزعت شراستك وارتميت في الإنسانية، لا تخف كلهم أبناء آدام لم يخلقوا بأنياب ومخالب وقرون فلا تكن قابيل بينهم، ولا تجعل الحرية ملحمة آلام وتساقط للإنسانية بفعالك ..!