فسانيا: بيه خاطر.
منذ إعلان وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية ، نجلاء المنقوش تبرع ، الحكومة بمبلغ 50 مليون دولار كدفعة أولى لمساعدة تركيا و إعادة إعمار المنطقة المتضررة من الزلزال المدمر جنوب البلاد، لاقى الخبر موجة غضب كبيرة في الشارع الليبي ، على اعتبار أن ليبيا لازالت تعاني من دمار ومخلفات الحروب ، وتشتكي من سوء البنية التحتية.
وعبر المستطلَع آراؤهم عن استيائهم بالإعلان مطالبين بالحقوق المدنية وعدم تأخر الرواتب الشهرية ، وعدم تجاهل الجنوب الليبي.
ليبيا دولة متهالكة.. والحكومة تغيث الشعوب الأخرى!!
دون مأوى
يقول جلال التاورغي :” مدينة تاورغاء أشبه بمدينة أشباح ، طالها الدمار و خيم الحزن على الأهالي ، حيث باتوا دون مأوى، لم نر مسؤولا يريد إعادة إعمار المدينة، فعن أي إنسانية يتحدث صناع القرار؟!”.
و اشتكى المواطن علي فتحي من تأخر صرف الرواتب الشهرية التي تعتبر عاملا أساسيا لمقومات الحياة وحقا مدنيا يجب على الدولة الالتزام به.
كما يشكو من سوء البنية التحتية ، فالطرق متهالكة والمؤسسات التعليمية والصحية في ليبيا منتهية، متسائلا هل يعقل أن تمد دولة نامية شعبها لايملك قوت يومه يد العون لدول أخرى؟.
وعبر المواطن عيسى محمد :” إن الغريب أننا ثرنا على نظام قوي وأطحنا به لأن أموالنا كانت تذهب للشعوب الأفريقية ، كنا دائما نردد دولة غنية وشعبها فقير ، أما الأن لا نستطيع أن نقف ضد حكومة ضعيفة متهالكة ونطيح بها”.
أما المواطن أبو مجدي الموظف بشركة المناولة بسبها يقول : نحن موظفو المناولة لم نتقاضَ مرتباتنا لأكثر من30 شهرا ، حيث تم تنظيم اعتصامات من قبل الموظفين ولكن لا حياة لمن تنادي ، وتساءل أبو مجدي لماذا كل هذا التجاهل والدولة تخصص ميزانيات كبيرة ومبالغ هائلة تصرف على الاحتفالات ، وتقدم المساعدات في حين قطاعات الدولة في أمس الاحتياج للنهوض بها.
وأضاف المواطن محمد سعيد :” في الجنوب هناك أكثر من 35 ألف موظف ينتظر الإفراج عن مرتبه ، منذ حوالي أكثر من 4 سنوات كان الأجدر بحكومتنا الموقرة النظر في هؤلاء الموظفين بدلا من دعم دولة كانت السبب الرئيسي في دمار ليبيا ، داعمة للإرهاب والمتطرفين” بحسب قوله.
تفاقم الأزمات
بينما قالت المحامية نسرين فتحي :”إن نقص سبل المعيشة في الجنوب كنقص الوقود أدى إلى تفاقم الأزمة وخلق كارثة ،ناهيك عن تهالك الطرق التي كانت عاملا رئيسيا في كثرة الحوادث ، بالإضافة إلى انعدام الكهرباء وتهالك المباني وعدم وجود حدائق عامة للأطفال حتى أصبح الجنوب الليبي بقعة منسية ، كل هذا والدولة لم تكترث وتبذل مجهودا لتوفير مطالب مواطنيها.
فيما أن المواطن يوسف الورفلي لايلقي اللوم على الحكومات فيما وصلت إليه ليبيا الآن ، وأن كل اللوم على المواطن الذي فضل الخضوع لساسة لايفقهون في السياسة شيئا سوى الميزانيات ، ليقرروا مصير الدولة ، مستغربا كل هذا الهجوم الآن ، فالدولة الليبية تبرعت وأهدرت أموال الليبيين مراراً وتكرراً لدول مجاورة والمواطن في سبات عميق.
وأردف الورفلي : تركيا والدول الأخرى يقاسموننا النفط والغاز ، بل حتى أنه أُعلن عن بناء قواعد أجنبية على أرضنا بحجة سياسة دول ، ونحن لانريد تحريك ساكن.
وأشارت الناشطة المدنية سليمة عبدالله : مرضى الأورام والفشل الكلوي ، ومرضى ضمور العضلات في الجنوب خاصة وكل مدن ليبيا يعانون الويلات من نقص أدويتهم وغلاء أسعارها ، وإهمالهم في مستشفيات تركيا وتونس والأردن ، حيث تم إيقاف العلاج عليهم لعدة مرات بسبب الديون المتراكمة على ليبيا ، فكان الأجدر بالدولة الليبية تغطية ميزانيات المرضى.
ويرى الناشط الحقوقي أحمد سعيد أن هذا الفعل لا يتسم بالشفافية و الوضوح و قابل للتأويلات ، حيث كان من المفترض على وزيرة الخارجية و التعاون الدولي أن تخرج في مؤتمر لكي توضح مسألة هذه الأموال التي أعلنت بأنها ستقدم لإعمار تركيا، هل هي ديون أم سداد لديون سابقة ؟!
ويعتقد سعيد أن ليبيا أحوج إلى المساعدة الإنسانية، و إن كانت هناك مصالح تستدعي دفع هذه الأموال فإنه كان يجدر أن يتم الإعلان عن الغرض أو المصلحة التي تقتضي ذلك.
معاناة الجنوب
فيما أكد الإعلامي أسامة الوافي على أنه كان من الأجدر أن تقدم هذه المساعدات للجنوب الليبي ، وخاصة أن الوزيرة اطلعت على أحوال المدن الجنوبية خلال جولة تفقدية.
وقال الوافي : “لم نسمع عن أي مساعدات إنسانية لسوريا في ظروف متساوية من المأساة الإنسانية، لأن للسياسة تداخلات في عواطف الدول التي لا تملك عواطف إنما مصالح و مواقف”.
فيما أوضح الإعلامي مصطفى المغربي أن مد العون والمساعدة للأشقاء والمسلمين واجب في كربتهم ومحنتهم وهذا حثنا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وديننا الإسلامي الحنيف، وهذا لا يختلف عليه اثنان.
وأضاف المغربي :”يجب أن تكون المساعدة في محلها وفي مكانها، والقادر عليها، قد نفزع ونساعد المنكوب بحهدنا ومالنا، و لكن في حالة حكومتنا يسقط هذا الواجب وخاصة إذا علمنا أن قيمة المساعدات كبيرة بالنسبة لدولة ليبيا، ولا تساوي شيئا بالنسبة لدولة كتركيا ولن تفيدها بشيء وخاصة أن حجم الكارثة كبير”.
وتابع المغربي :” تركيا قادرة بإمكانياتها المادية والبشرية مع المساعدات الدولية على مواجهة الكارثة، هذه الإمكانيات المادية البشرية التي تملكها تركيا هي عشرات أضعاف ما تملكه ليبيا، وبالتالي لا تفيدها في شيء، بل هي مؤثرة بالنسبة لنا في ليبيا، فكيف في بلد يعتبر منكوبا وفي أزمة اقتصادية وشعب يعاني، وفي أمس الحاجة لأي دينار”.
فيما أفادت الإعلامية سليمة بن نزهة أن 50 مليون دولار كدفعة أولى لإعادة إعمار جنوب تركيا يعني هناك دفعات قادمة سوف تسلب من حقوق الشعب المنكوب.
وبينت أن مرزق مدينة منكوبة أيضا وأهلها مشردون وقبلها تاورغاء ، وبنغازي وسرت ، ودرنة ، لكن في مدن النعام لن تسمع إلا السمع والطاعة.
وتعجبت بن نزهة هل الدماء في جنوب تركيا أكثر حرارة وأغلى تكلفة من دماء الليبيين في نظر وزيرة خارجيتنا؟!.
مبادرات إنسانية
وأضاف الصحفي عبد العزيز
الوصلي : لا شك أن الزلزال المدمر الذي ضرب الجنوب التركي والشمال السوري، خلف كارثة إنسانية كبيرة هزت كل العالم والتأثر بمثل هذه الكوارث والتعاطف شعور بل واجب إنساني لكل سكان المعمورة لا سيما الدول القريبة والصديقة التي يقع على عاتق حكوماتها وشعوبها مسؤولية أكبر لتقديم الدعم والمساعدة المطلوبة لكن ذلك لا يجب أن يكون من باب الدعاية السياسية الخارجية لحكومة أو مسؤول بعينه على حساب مشاكل الداخل
وتابع الوصلي : ليبيا تواجه
تحديات اقتصادية كبيرة يجب الالتفات إليها بالتوازي مع تلك المبادرات الإنسانية لمساعدة الدول الصديقة والشقيقة.
وقال عضو المؤتمر الوطني العام محمود عبدالعزيز في تصريح له ، إنه لا مانع من قيام الحكومة بالتبرع لدولة تركيا بملايين الدولارات، بدعوى أنها دعمتهم بقواتها وآلياتها العسكرية.
وتساءل عبد العزيز :”ماذا يعني لو تبرعنا بـ150 مليون دولار لتركيا التي فزعت لنا بخيرة جنرالاتها ومسيراتها، التحجج بوجود محتاجين في ليبيا حجة (بايخة)، فمن مسح دموعنا وفقد خيرة جنرالاته غير الأتراك؟، هل الـ50 أو الـ100 أو الـ150 مليون دولار هم الذين يوجعونكم؟”، بحسب تعبيره.
وأضاف “تركيا قدمت خيرة ضباطها للدفاع عن طرابلس ويجب دعم حكومة الوحدة ومواقفها المشرفة هذه، ماذا تعني 50 مليون دولار؟ هل حاربتم الفساد حتى تنطقوا بهذا الكلام؟، من يتحدثون عن الـ50 مليون الممنوحة لتركيا لو أمامهم هذه الـ50 مليون دولار لسرقوها”.
وتابع “أقول لمن ينتقد في الحكومة هل أنتم حريصون على ليبيا أكثر منا؟ الشعب التركي أحوج منا ويجب أن نقدم لهم الدعم وتبرعات الشعب الباكستاني الفقير لهم فاقت الخيال.