الحروب مجال للاستثمار: رؤية بلا عاطفة

الحروب مجال للاستثمار: رؤية بلا عاطفة

  • شعبان الطاهر

بعيدًا عن العاطفة، ومن المفارقات المؤلمة في عالم اليوم، أن الحروب أصبحت في نظر البعض مجالا واعداً للاستثمار والتطوير العلمي.

لم تعد المعارك العسكرية مجرد صراع دموي لتحقيق أهداف سياسية أو جغرافية، بل تحولت إلى مختبرات حية يترقبها العلماء، والمفكرون، والمتخصصون في مجالات الطب، والهندسة، والتكنولوجيا – سواء في الأوساط المدنية أو العسكرية – لاختبار ابتكاراتهم وتحقيق قفزات في مجالاتهم.

الحروب، سواء كانت أهلية داخلية أو نزاعات خارجية بين الدول، باتت بالنسبة لبعض الجهات فرصة لتجريب أسلحة جديدة، واختبار أنظمة دفاعية متطورة، وحتى دراسة سلوك الإنسان تحت الضغط والدمار، والمؤسف أن هذا “التنظيم” غير المعلن للحروب يتم غالباً في دول تعاني من هشاشة اقتصادية واجتماعية – ما يعرف بالدول النامية – والتي تصبح ساحات مفتوحة لتطبيق نظريات عسكرية وميدانية تعد في مراكز أبحاث كبرى.

لقد أصبح تطوير السلاح مرتبطًا ارتباطاً وثيقاً بالحروب الواقعية، فمعظم الأسلحة المتطورة اليوم لم تكن لتخرج إلى النور لولا “تجربتها” الفعلية في ميادين قتال حقيقية.

وهكذا، تنشأ علاقة مشبوهة بين البحث العلمي، والاقتصاد العسكري، وساحات الحرب، حيث تتحول المعاناة الإنسانية إلى أرقام وبيانات تستخدم في تحسين الأداء الحربي.

لكن الأخطر من ذلك هو الأثر الاجتماعي العميق للحروب، الذي يحدث شرخا بين أبناء المجتمع الواحد، ويغذي الانقسامات، ويحول النزاعات المؤقتة إلى أحقاد مزمنة، حيث ان الحرب لا تقتصر على ساحات المعارك، بل تترك آثاراً طويلة المدى في النفوس، والبنية الاجتماعية، والهوية الوطنية.

 لعل من المفارقات أن أكثر ما يحرك عجلة التطور في بعض الصناعات هو التدمير، وأن بعض العقول اللامعة تجد في الحروب فرصة للنجاح، لا مجالا للحداد، هذه حقيقة موجعة، لكنها واقعية، وتدعونا لإعادة التفكير في علاقة الإنسان بالحرب، وتوازنات القوى، وحدود الأخلاق في زمن الاستثمار في الدمار.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :