- خـالـد خميـس السَّحـاتي
اختلف الباحثُون والخُبراءُ وفُقهاء القانُون الدبلوماسيِّ في تعريف كلمة “الدبلوماسيَّة”Diplomatic، وذهبُوا في ذلك إلى اتِّجاهاتٍ مُتعـدِّدةٍ، منها مثلاً: أنها تعني “فـن المُفاوضة” عن طريق مُمثلين دبلوماسيين مُعتمدين لفضِّ المُنازعات بين الدُّول بهذه الوسيلة.. وكذلك: تشير إلى السلك الدبلوماسي ورجاله، أيْ أنَّ كلمة الدبلوماسيَّة تعني: “الوظيفة الدبلوماسيَّة”. وجاء في “موسوعة السياسة” أن الدبلوماسية هي: “مجموعة المفاهيم والقواعد والإجراءات والمراسم والمؤسسات والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية والممثلين الدبلوماسيين، بهدف خدمة المصالح العليا (الأمنية والاقتصادية) والسياسات العامة للدول، وللتوفيق بين مصالح الدول بواسطة الاتصال والتبادل وإجراءات المفاوضات السياسية وعقد الاتفاقات والمعاهدات الدولية”..
ومن هذا المُنطلق الذي تتفقُ عليه مُعظمُ التعريفات وهُو “البُعد التَّمثيليُّ” للوظيفة الدبلوماسيَّة، في ضوء التطورات المعاصرة التي شهدها العالم خصوصا فيما يتعلق بوسائل الاتصالات والمُواصلات، وبقيَّة مُعطيات ظاهـرة “العـولمة”، نُشيرُ هُنا إلى أبرز “سمات الدبلوماسية الحديثة”، وهي: أن الدبلوماسية علم وفن، ولهذا العلم قواعده وأصوله، ولذلك فإن الدول تضع المناهج لتدريس هذا العلم في كليات القانون والسياسة والمعاهد المتخصصة، وتجعله موضعا للدراسة من قبل الباحثين في علوم القانون والسياسة وغيرهما. كما تقيم وزارات الخارجية في مُختلف الدول المعاهد الخاصة بالدبلوماسية لتدريس مُوظفيها قواعد الدبلوماسية، وما يتعلق بالعمل الدبلوماسي والقنصلي أيضا.. بالإضافة إلى ذلك فإن الدبلوماسية فن، أي أنها موهبة يختص بها أشخاص يتمتعون بصفات خاصة تؤهلهم لمُمارسة “المهنة الدبلوماسية”؛ لأنها تعتمدُ على بعض المهارات والصفات الشخصية، كالذكاء والنباهة والكياسة والفطنة واللباقة، وتقدير المواقف بحكمةٍ، ومُواجهة الظروف المُختلفة ببراعةٍ وحنكةٍ وتأنٍ.
ومن الناحية العملية، تُمارسُ “الدبلوماسية” عبر أجهزة خاصة بها يُطلقُ عليها “القنوات الدبلوماسية”، وهي البعثات الدبلوماسية الدائمة في الدول المُعتمد لديها (المُضيفة)، والبعثات الخاصة، والتي يُطلقُ عليها “البعثات المُؤقتة”. كذلك فإن “الدبلوماسية” ترتبط بالعمل السياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي لأشخاص القانون الدولي، وهذا ما يميزها عن الأعمال القنصلية التي يتحدد عملها في حماية مصالـح الأفـراد في الخـارج.
ولا يفوتنا في الختام أن نشير إلى أن الدبلوماسية المُعاصرة أصبحت تمارس في بيئة سياسية واقتصادية وأيديولوجية غير مُتجانسةٍ، بمعنى أنها أصبحت تجري في عالمٍ فسيحٍ، مُتعـدِّدٍ ومُتنوِّعٍ في حضاراته وثقافاته، وأنظمته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية وغيرها، وبالتالي أًصبحت الدبلوماسية عنصرا إيجابيّاً في العلاقات الدولية المُعاصرة، تستطيع الدول من خلالها حماية مصالحها والتعبير عن مواقفها وسط الجماعة الدولية.. وللحديث بقية..