___________________محمود السوكني______
كنت ومازلت وسأظل من الرافضين وبشدة ودون أدنى تفكير في العدول عن ذلك ، لما يسمى زوراً وبهتاناً (دولة إسرائيل) المقامة فوق أرضي العربية بالغصب والإكراه ، وإنني لأعجب ممن يملك صفاقة الوجه -ولا أقول الجرأة- على التعامل مع ساستها والتباهي بالعلاقات الوطيدة التي تربطه بخنازيرها علناً ودون إستحياء .
كنا نُعزِّرُ -في زمن مضى- من نكتشف فضيحة إتصاله على نحو ما بالعدو الصهيوني، ونرى في ذلك عاراً وشناراً يلطخ سمعة صاحبه مدى الحياة ، بل ويسيء لأهله وعشيرته ، وننعته بالخائن الذي خان وطنه وأمته ، والأمثلة على ذلك تشهد بها سجلات المخابرات وساحات القضاء عندما كانت الروح العربية متأججة لا تقبل المساومة ولا ترضى بأنصاف الحلول .
الحدث الجلل في السابع من أكتوبر جاء ليوقظنا من سباتنا ويذكرنا بالقضية التي كُنّا ندّعي أنها قضية العرب الأولى فإذا بها تصبح أخر همِّنا بل ويتأفف سادتنا عن ذكرها ويقال أن بعض أولياء أمورنا قد تحالفوا مع العدو لمحوها من ذاكرة العرب باعتبارها قضية خاسرة وفضّلوا عليها التجاور بالحسنى وتطبيع العلاقات الحبية والتعاون لكبح جماح الحالمين بعودة فلسطين .
في الحرب الدائرة الآن بين المقاومة الباسلة وجيش الإحتلال ، إختار المطبعين إحد أمرين التقوقع داخل الشرنقة والتزام مبدأ السلامة مع السماح للرعية بالجلبة والقعقعة وارتفاع الحناجر ، ومنهم من أبدى إخلاصه المفرط للعلاقة المحرّمة والتطبيع المُذِل ونافس الحلفاء في مد يد العون سلاحاً ومالاً دون أن تكسو ملامحه حمرة الخجل .
عندما تجرأ العدو ذات مرة على حرق المسجد الأقصى ، قالت (جولدا مائير) رئيسة وزراء العدو بالنص (لم أنم طوال الليل ، كنت خائفة من أن يدخل العرب إسرائيل أفواجاً من كل مكان ، ولكن عندما أشرقت شمس اليوم التالي علمت أن بإستطاعتنا أن نفعل أي شيء نريده) .
المطبعون لا يريدون أن يستوعبوا حقيقة أن (إسرائيل) مشروع توسعي لا يقتصر على دولة فلسطين المغتصبة ولن يتوقف عند حدودها ، وهم في هذا لا يخفون مطامعهم بعد أن آمنوا(شر العرب) ويكفي أن يطّلع المرء على قطعة معدنية لعملة (إسرائيلية) حديثة قيمتها 10 اغوره ليجد على ظهرها الشمعدان وتحته خريطة (إسرائيل الكبرى) التي تضم إضافة لفلسطين سيناء بكاملها كل لبنان وكل الأردن وثلثي سوريا وثلاثة أرباع العراق وثلث المملكة العربية السعودية ، ليس سراً يذاع لأول مرة ولكنها أمنية يسعى العدو جاهداً لتحقيقها وهو يدرك أن (الأشقاء) لا يبالون ولن يحركوا ساكناً ، فمما الخوف إذن ؟!