الكاتب (منصور بوشناف)  لفسانيا : راوية (العلكة) منعت 2008 ومنعت 2012 … العقلية هي العقلية قبل الثورة وبعدها …  للمسرح الليبي  بداية نضالية منذ العام 1908 … سجنت 12 سنة بسبب المسرح  .

الكاتب (منصور بوشناف)  لفسانيا : راوية (العلكة) منعت 2008 ومنعت 2012 … العقلية هي العقلية قبل الثورة وبعدها …  للمسرح الليبي  بداية نضالية منذ العام 1908 … سجنت 12 سنة بسبب المسرح  .

حاورته / حياة فرحات / تصوير / مصطفى المغربي .

منصور بوشناف ، كاتب مسرحي منذ نعومة أظافره وروائي عالمي ترجمة له عدة روايات لأكثر من لغة ، بالقلم كافح ، كاتب نضالي إن صح التعبير ،علاقته سيئة برقابة نظام القذافي ، كان أول صدام مع هذه الرقابة مبكرة جداً وهو في الثانوية عندما شكلت له لجنة تحقيق لنص مسرحي كتبه إنتهى إلى حذف أجزاء منها ،بعد سنوات قليلة وهو طالب جامعي بجامعة بنغازي   يجز به النظام السابق في السجن ليدفع تمن 12 سنة من حياته خلف القضبان بسبب مسرحيتين  وهما “عندما تحكم الجرذان” و”تداخل الحكايات عند غياب الراوي” .

ليستأنف نشاطاته في الكتابة المسرحية والصحافية والروائية بعد خروجه من السجن ، وأصدر أولى رواياته (سراب الليل) التي هي رواية (العلكة)  لكن الرقابة منعتها بسبب ما تناولته الرواية الحياة بمدينة طرابلس والوضع العام في ليبيا خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي.

m-022

التقيته وتحاورت معه والذي بدوره رحب بصحيفة فسانيا وأثنى على جهود العاملين بها ….. الحديث مع (منصور بوشناف) شيق ويطول وخاصة إن تناولنا تجربته المليئة بالنضال وتحدي النظام السابق وتجربته بالسجن وعن الأدب والرواية وربما نحتاج لصفحات طويلة والتي سنتناولها معه في لقاءات قادمة بعون الله ، فاقتصر الحوار معه في هذا اللقاء معه عن راوية (العلكة) وعن الترجمة والمسرح والصحافة .

ـ أستاذ (منصور) خمسة عشر عاما مرت علي اول نقوش (العلكة) المطاردة في ازمنة القمع وفي زمن الحرية خمس سنوات قضيتها تردد صفحة واحدة منها ، كيف جمعت هذه (العلكة) الخصوم علي محاربتها وهل تعتبر العلامة الفارقة في زمن الغوغائية ؟

…. طبعا رواية العلكة تدور احداثها في الشارع كالذي نجلس فيه الان شارع البلدية والحديقة الخضراء للفندق الكبير ، وبالمناسبة فقد بدأت في كتابتها بهذا الشارع في أواخر التسعينات كتبت منها صفحة واحدة ثم توقفت عنها لفترة طويلة ثم عدت مرة اخري لكتابتها وبعد أن جهزت بعد سنوات صدرت  في القاهرة عام 2008 لتصادر وتمنع في ليبيا في ذلك الوقت وكان هذا مظهر من مظاهر القمع في تلك الحقبة ، فقد كانت الراوية تحكي عن الوضع الليبي والمواطن الليبي .

وقصة ظهور (العلكة)   لم تنتهي هكذا فقد وزعت باليد بين الاصدقاء ثم بعد ذلك ترجمت في سنة 2014 في بريطانيا والحمد لله كانت الاصداء جيدة هناك وكتب عنها كثيرا في الصحف العالمية كالجاردن والملحق الادبي للتايمز وكتب عنها في البرتغال واسبانيا ، والآن ستصدر الترجمة الفرنسية لها وتحديداً في 4\11\2016 انشاء الله في باريس ، وستصدر الترجمة الايطالية لراوية (العلكة) بداية عام 2017 في ايطاليا .

ورغم كل القمع استطاعت (العلكة) اجتياز الحدود وعبورها ، هذه الرواية هي صرخة ضد القمع وعمل نضالي كما يقولون ، وفي ذات الوقت  كانت رصد لحياة الليبيين في تلك الفترة .

 والعلكة قصة تروي حكاية الليبيين في القرن الماضي عندما كانوا يسافرون لتركيا وغيرها  لاستيراد العلكة للتجارة بها ليصبحوا بسببها رؤوس اموال ، فقد اخذت الموضوع واشتغلت عليه ، لأبين من خلالها كيف تحول كل شي في ليبيا الي مضغ علكة في السياسة مضغ في الاقتصاد …..  الخ وما ترتب علي ذلك من ظواهر سلبية في المجتمع الليبي وهذه باختصار  أحداث (العلكة) .

 

سراب الليل والعلكة وجهان لعملة واحدة كما يقولون هل ذاك يعني الاسم والكنية ولماذا تحمل ذات الرواية اسمين ؟

….. (سراب الليل) هو العنوان العربي للرواية عندما صدرت ، وحقيقة فأن  سراب لليل كانت قضية الحرية في تلك الفترة ، أي تحلم بسراب في الليل مع انه غير موجود وكان هناك جزءا بداخلها يحمل العلكة ،  وفي الترجمة الانجليزية والفرنسية والأوروبية اختاروا (العلكة) كعنوان ، وبصراحة  كانوا اذكي مني في هذا لأن هذا العنوان ملفت للقراء بشكل اكبر وكلاهما وجهان لعملة واحدة ، ولكن القضية محاولة الركب باتجاه الحرية ولو كانت سراب هذا اركض وهو عبارة عن مضغ فارغ .

 

ـ بترجمة بعض رواياتك مثل العلكة وسراب الليل وبتوقع ترجمة روايات اخرى لك هل نستطيع القول ان الرواية الليبية وصلت للعالمية وهل نستطيع الحكم على تقبل المتلقي الاوروبي لها ؟

…..طبعا الرواية العربية وخاصة الليبية  سجلت علامات لها قبل شغلي بكثير منهم (إبراهيم الكوني) فهو كاتب عالمي مشهور جدا منتشر بلغات عديدة وأيضاَ (أحمد ابراهيم الفقيه) ، وبالنسبة لي  إلي حد ما (الحمد لله) فقد ترجمت لي أعمالي الي ثلاث او اربع لغات اجنبية .

وأضاف (بوشناف) قائلاً : الغريب في الأمر يقرأ لي  الاوربيين اكثر من الليبيين ، وأن سبب ذلك  يكمن في أن المواطن العربي والليبي علاقته بالقراءة بسيطة جدا من الأساس ،  ولهذا لا إقبال لها ، كذلك عدم توفر كتبي بالوطن ، وأسعى جاهدا لتوفيرها المدة القادمة ، وتبقى الاشكالية ان الاعمال موجودة ولكن لم ينتبه  لها الليبيين إلا بعد ان ترجمت للغات اخرى ، أي وللأسف بعد ان يهتم بك الاوروبي ، وهذه عقدة الخواجة والشيء المؤلم  ان يقرأ الانجليزي اكثر من العربي ، وربما القراء الاجانب يعرفونك اكثر من بني وطنك فهذه مشكلة وسببها انفصال الناس عن الكتاب في المجتمعات العربية .

 

ـ ترجمة الادب العربي للغات اخرى هو خلق تواصل بين ثقافتين منفصلتين تماما وقد كانت (العلكة) أحد الاعمال التي حظيت بالترجمة هل يستطيع الكاتب بعد نقل المترجم للعمل ان يحتفظ بجمالية ورؤى النص الذي يعبر عن ذاته وهويته دون حدوث أي تغيير في ماهية النص الاصلي ؟

… الترجمة مستويات ولا وجود ترجمة دون تحريف ، ولربما يكون تطوير للنص احيانا ، إلا ان مشكلة الادب العربي يترجم بلغة ميتة كالانجليزية وغيرها حيث لا حيوية لهذه اللغات وهذا ناتج عن تركيبة الجملة العربية تختلف عن الانجليزية في ايقاعها وبنيتها …. الخ ، فإذا كان المترجم لا يدرك روح النص وينقل هذه الروح بشكلها الكامل أعتقد انه لن يكون موفق ، ولكن من الاشياء اللطيفة بكتابي وجدت كاتبة ليبية الاصل ولكنها تكتب بلغة الانجليزية ومن ضمن الاشياء التي كتبتها حيث قالت لي  انها طوال ما قرأت من أدب عربي مترجم أجد النص ميت باستثناء راوية (العلكة) لأنه التقط مترجمة جيدة ، اضافة اخرى انني منصور بوشناف اجيد ثلاث لغات انجليزي وفرنسي وايطالي وبالتالي مكنني هذا من مراجعة الترجمات قبل صدورها .

 

ـ ما الذي تضيفه ترجمة العمل الادبي لكاتبه ؟

…. تعطيه انتشار أولاً وتتواصل مع ثقافات اخرى ، ويقرأ لك عالم اخر ،  وحتى تقييمك لعملك تجد له رؤى مختلفة فتجد قراءة الانجليزي تختلف عن قراءة الليبي عن قراءة الفرنسي ومن هنا تتعدد القراءات وهذا يغني الكاتب والعمل .

 

ـ منصور بوشناف كاتب يجيد تشكيل الوعي والعلاقة مع الواقع ما الذي يضيفه فعل الكتابة للحياة من وجهة نظرك ؟

 

… بالنسبة لي ولتجربتي ضلت الكتابة هي محاولة للفهم ما الذي يجري سواء علي الصعيد الشخصي والاجتماعي أو السياسي ومحاولة للتفكير بصوت عالي فالكتابة تضيف لي وعي او معرفة بالحياة اكثر ، فالكتابة تجربة حياة اخرى تضيف لوعيي بما حولي وربما قد أكتشف ان فهمي خاطيء .

 

ـ الخطوط الحمراء في الادب ، فلطالما كنت من الكتاب الذين يراوحون في المنطقة المحظورة ، لماذا هذا الصراع المتواصل والمتأصل بين الكاتب ومؤسسات الرقابة دائماً ومنذ زمن بعيد وخاصة في مجتمعاتنا العربية  ، ما الذي يخشاه الرقيب في مجتمع لا يقرأ العامة فيه ؟

… علاقتي بالرقابة دائماً علاقة سيئة جداً ، اذكر اول عمل كتبته في السبعينات كان عمل مسرحي فوجئت بسيارة قادمة من طرابلس الي مصراتة ، وقد كنت وقتها أدرس  في اولي ثانوي حينها ثم جاءت  لجنة لمناقشتي بهذا النص وحذف عدة اشياء منه اذكر أن اول عمل لي كان سينفذ ، وضلت هذه العلاقة دائما متوترة ، وأعتقد ان الرقابة اصبحت احد سمات المجتمعات المتخلفة التي تخاف الجديد والرأي  المختلف عنها ، وأنها تشكل احد العراقيل التي تقف ضد تطور المجتمعات بغض النظر عن الرقابة عن الكتابة في أعمال اجتماعية أو سياسية ، فالرقابة مشكلة كبيرة ، ومن الطرائف أن راوية (العلكة) منعت 2008 ومنعت 2012 ، إذاً لازالت العقلية هي العقلية قبل الثورة وبعدها .

 

ـ شاهدتك مؤخراً  في المسرح وتحديداً في مهرجان المسرح الأول بطرابلس وأنت من عشاق المسرح ويقولون ان المسرح ابو الفنون هل ينطبق هذا القول علي المسرح الليبي ؟ وهل المسرح الليبي له تأثير في ظل كل هذا العبت الذي طال مختلف الجوانب الحياتية في الوطن ؟

 …..أصلا أنا ابن المسرح ومن عام 1965 بالصف الخامس وأعمل بالمسرح وإلى الآن ، ولم أتوقف وفي الأساس أنا كاتب مسرحي وقد سجنت 12 سنة بسبب المسرح .

المسرح الليبي يزيد عمره الان عن (110) سنوات وقد بدأ بداية نبيلة جدا في 1908 وكان أول عرض ليبي في ازمة البوسنة والهرسك وكان في اضطهاد للمسلمين ويشهد التاريخ أن العمال في طرابلس تضامنوا معهم وعملوا  عمل مسرحي تأليف وإخراج ليبي وذهب الريع لصالح البوسنة والهرسك في ذلك الوقت ، إذاً كان  للمسرح الليبي  بداية نضالية واتضح ذلك في التضامن مع شعب اخر مقهور ومقموع .

 وظل المسرح يحاول ان ينهض بالمجتمع ويحارب الظواهر المتخلفة وكان أحد عوامل النهضة في ليبيا مع أنه تعرض للكثير من القمع والرقابة … ألخ ، وهذا معروف تاريخياً فقد ظل منذ بدياته المسرح الليبي يحاول يقول كلمته .

 ويعاني المسرح الليبي الآن  من علاقته بالجمهور ، فلم يستطع المسرح الليبي ان يبني علاقة مع الجمهور ، وهنا نعاني ازمة ثقافة فالجمهور لا يعطي ثقة للمثقف الليبي والإنتاج الليبي عموما .

m-020

 ـ لماذا يحرمنا منصور بوشناف من اعمال مسرحية جديدة له ؟

… رغم أني بالأساس كاتب مسرحي وأبن مسرح كما قلت لكي ولكن مؤخراً وللأسف  تفرغت للرواية فقد كتبت ثلاثة أعمال واثنان  منها سيصدران  هذا العام ومع هذا  كنت موجود فقد كان أخر عمل لي عرض 2011 ببنغازي وأتمني ان انجز عملاً مسرحياً جديداً .

 

ـ انت ناقد ايضا وشاهدناك بالمسرح في مهرجان طرابلس الأول تراقب عمل الشباب الجدد بعين الناقد فما رأيك وكيف رأيت أعمال الشباب  ؟

… دعيني أتحدث عن ظاهرة عجيبة مرتبطة بالجمهور الليبي وهي التصفيق ، يفترض أن المسرح لا تصفيق فيه ، ولا نجد ذلك  إلا عند  العرب بشكل عام فهم يعبرون عن اعجابهم به هكذا ، فالمسرح لا تصفيق فيه أثناء العرض .

  أما عن ما شاهدته بمهرجان المسرح من الشباب فهو مبشر جداً كثيراً ، وما لفت انتباهي الشباب وهم من يشتغل بالمسرح وفي هذه الظروف ، وقد عبرت اعمالهم رغم بساطتها عن طموحات كبيرة في تقديم شيء أفضل بالمستقبل ، مع احتفاظي ببعض الملاحظات للتطوير من أنفسهم وتلافي الأخطاء ، فهم محتاجين لتوجيه أكثر وتدريب وهم يعبرون عن ثقافة البصر والمهم محاولتهم للتعبير عن أنفسهم وهو شيء إيجابي .

 

ـ هل انت متابع للأدب الليبي والشباب الليبي الروائي الان ؟

… نعم بكل تأكيد فمنذ فترة كانت لي محاضرة بعنوان (شعراء العقل السادس) من خرجوا علينا بعد فبراير فمن ايجابيات فبراير ظهور جيل من الشعراء متمكن وطموحه عالي وله جانب تمرد كبير رغم الخوف من الممنوعات الكثيرة الآن ،  إلا أن هناك اصوات شعرية ممتازة وربما من الجوانب المضيئة للثورة هي خروج هذه الاصوات .

 

ـ وأخيراً أستاذ منصور أين ترى واقع الصحافة الليبية الآن وما مصيرها في ظل هذه الظروف ؟

…… الصحافة الان في أزمة بل كارثة , وفي ليبيا تاريخ للصحافة فقد كانت أول جريدة في العالم العربي هي (طرابلس الغرب) وأقدم من أي صحيفة أخرى في العالم العربي  وقد طالبنا برجوعها بعد الثورة ولكن للأسف ما من مجيب .

ولا أدري سبب ركود وتذبذب الصحف في ليبيا في الوقت الذي يجب أن تكون أكثر انتشارا وازدهاراً بعد ثورة فبراير والتي من أهدافها كانت وفي الأساس حرية الصحافة وحرية الرأي وحرية الفكر وتقبل الآراء ، كان يفترض أن تكون متواجدة بقوة بعد المناخ التي أتيح لها ، وأتمني من الصحف الليبية الصمود في ظل ما تمر به من معوقات ، وأشكر صحيفة (فسانيا) الصامدة على لقائها بي وإتاحة الفرصة للحديث عبرها وأتمنى لها التقدم والتوفيق .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :