- كتب / عبد الرحمن جماعة
حين يكون الكلام (ببلاش)، عندها يمكنك أن تفتح فمك على مصراعيه، وتقول ما تشاء.. وحين يكون الكلام أعزل عن الفعل، وأجوف من المعنى.. فإنه يكون مذمة لقائله.
قبل أن أناقشك في موضوع الشرعية الذي جعلته محور اهتمامك، ومدار كلامك.. دعني أخبرك عن الجنوب الذي قلت بأنه غالي عليك، وأنك لن تفرط في حبة رمل منه.
ولكن قبل ذلك.. أحب أن أطمئن سيادتكم بأن حبات الرمال لازالت موجودة، ولم تنقص منها واحدة.
لكن الذي حدث هو بضعة أمورٍ قد تبدو بسيطة في عينكم مقارنة بحبات الرمال، وهذه الأمور أوجزها لك في التالي:
رجال أُسروا وذُبحوا على يد مسلحي المعارضة التشادية.
وآخرون ذُبحوا بسكاكين داعش.
ونساء تخشى السبي عند الدواعش.
أظن أن هذا يكفي، وإلا فإن القائمة تطول وتطول، ولن تنتهي عند رجل يُنفق نصف مرتبه ثمناً للوقود، هذا إذا تحصل على مرتبه أصلاً، ولن تنتهي عند غلاء المعيشة.
هل تعلم يا مشري أن الخوف من الخروج من البيت بعد المغرب صار من الماضي، وأن الناس صارت تخاف الخروج في أي وقت، بل صاروا يخافون وهم خلف أبوابهم المغلَّقة.
هل تعلم يا سيد مشري أن أكبر عملية نزوح حدثت في ليبيا على مدى قرنٍ كامل هي نزوح أهلنا من الجنوب إلى الشمال.
وهل تعلم أن هذا النزوح ليس ضرراً على الجنوب وحسب، بل هو ضرر على سيادة ليبيا كلها، ولا أظنك تجهل عواقب الفراغ السكاني.
ثم عن أي شرعية تتحدث؟؟..
عن شرعية من جاء يُنقذني من الموت.. وأنت تتفرج؟؟
عن شرعية من جاء ليحميني.. وأنت مختبئ في غُرف الفنادق؟؟
وهل العصابات التي كانت تسيطر على الجنوب شرعية في نظرك؟!
تخيل أنك ستُذبح على يد داعشي، ثم يأتي رجل ليُنقذك، فيقول لك أحدهم، لا تسمح لهذا الرجل أن يُنقذك لأنه غير صالح!
يا مشري..
إذا كنت تعلم حجم مآسي الجنوب، فلماذا لم تتقدم لتنهيها قبل أن يتدخل الجيش؟.
هل تعلم أنك بذلك تكون قد ارتكبت جريمتين.
الأولى: تركك للجنوب مرتعاً لكل مجرم، وتركك لأهل الجنوب رغم سماعك صراخهم.
والثانية: أنك سمحت لقواتٍ أن تتدخل لتُنقذ الناس، مع أنك لا تعترف بشرعيتها.
يا مشري..
أهل الجنوب ليسوا بحاجة لمن يُلقنهم دروساً في الشرعية وهم يحتضرون تحت سكاكين داعش، وبنادق الفصائل التشادية المعارضة.. والعصابات المسلحة!.
أهل الجنوب ليسوا في وارد التخندقات السياسية التي تُشغل بالك، ولن يسمحوا لك بأن تُوظف قضيتهم وتجيرها لصالح تلك التخندقات!.
يا مشري..
نحن نعلم أن رأسمالك كلامٌ فقط.. لكن لماذا لم تستثمر هذا الرأسمال الهزيل قبل ذلك؟.
ونحن نعلم بأنَّ كلامك خُلَّب.. لكن لماذا لم تُفرقع قبل هذا اليوم؟.
ونحن نعلم بأنك عارٍ عن الفعل في أي وقت.. ولكن لماذا كنت تتدثر بالصمت قبل اليوم؟!
أخيراً..
هب أننا استجبنا لـ(هدرزتك)، ورفضنا تدخل الجيش، فهل تعدنا بأنك ستأتي لتأمين الجنوب؟؟
الجواب عندك!.
إذن.. دعنا وشأننا.. وحل عن سمانا.. فأهل الجنوب لم يستنجدوا بجيشٍ من خارج بلادهم!.
……….. العمى!.