الحقوقي : أحمد محمد بيوض
مأمور الضبط القضائي (أنموذجاً) :
تُمنح صفة مأمور الضبط القضائي بنص المشرع لرجال الأمن بوزارة الداخلية و ضباط الجيش و العناصر المكلفة داخل المؤسسة العسكرية و منهم المكلفون بحراسة المعابر البرية و البحرية و الجوية، و مفتشو وزارة السياحة و للموظفين المخول لهم بمقتضى القانون اختصاص الضبط القضائي، وتكون تبعيتهم للنائب العام.
و عندما كان هذا المقال محاولة لقراءة في مفهوم و واجبات مأمور الضبط القضائي في قوانين حقوق الإنسان، فإنه لا بأس من تفكيك العبارة – لغةً و قانوناً – ليتسنى للقارئ غير المختص التعمق أكثر في ماهية حامل هذه الصفة الضبطية بحكم القانون.
فـ المأمور (لغةً)، هو اسم مفعول من “أمر”؛ و هو الشخص الذي صدرت له أوامر من المشرع لإنفاذ القانون بالدولة، و كلمة (الضبط) تعني في معاجم اللغة العربية القيام بالأمر على أكمل وجه، و في هذا السياق – الضبط القضائي – يعني إنفاذ القوانين على أكمل وجه
أما مأمور الضبط القضائي – قانوناً – فهو الموظف الذي يحمل الواجب، بأمر قضائي، لرصد و ردع الانتهاكات التي تخالف القانون، و تسيء للذوق العام (في بعض المجتمعات)، ففي الوقت الذي يتمتع فيه حامل صفة مأمور ضبط القضائي بصلاحيات لإنفاذ القانون؛ إلا أن عليه واجبات يجدر بهِ القيام بها، فتأخره – إن صح التعبير – عن ردع انتهاك حدث أمامه، أو تأخره في جمع استدلال القصد منه تحييد القضايا المتعلقة بإحدى الجرائم، و ذلك لصالح الحق العام؛ قد تُحسب عليه، فكونك حامل لصفة مأمور الضبط القضائي؛ يعني أنك تحمل في سُلم أولوياتك مهمة إنسانية دقيقة.
إن العودة للمراجع الحقوقية التي يستند عليها حامل الواجب في قوانين حقوق الإنسان، لا تأخذنا فقط إلى التشريعات الوطنية فحسب؛ إنما كذلك للمواثيق الدولية التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك، إلى ضرورة إعداد موظفين بالدولة مدربين جيداً على الضبط القضائي، لتعزيز و حماية حقوق الإنسان، و يمكننا الاستدلال في ذلك على المادة الثالثة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و المادة التاسعة و المادة الثانية عشر و المادة التاسعة و العشرون منهُ.
كان كل ذلك بشكل عام، أما في ليبيا، هذا البلد الذي أصبح فيهِ بعض الحقوقيين و الحقوقييات موظفين بالدولة، و نشير هنا لموظفي المجلس الوطني للحريات العامة و حقوق الإنسان، و الذي يمنح الموظفين فيه صفة مأمور ضبط قضائي بما يخوله لهم قانون تأسيس المجلس رقم (5) لسنة 2011م، و الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي، هذا المجلس الذي تأسس بمبادرة تقدم بها مسؤول ملف العدل و حقوق الإنسان بالمكتب التنفيذي، تمنح هذه الصفة الضبطية لموظفي المجلس لنشر الوعي بحقوق الإنسان و تعزيز الحريات العامة و جمع الاستدلالات في الجرائم التي تمس حق الإنسان، تفوز هذه المجتمعات التي يحظى فيها المجتمع بكيانات وطنية، شغلها الشاغل حقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية و الصحية و في المرافق المجتمعية المختلفة بالبلديات .
أحمد البيوض.