- فسانيا :: عبدالمنعم الجهيمي
قبل أيام زرنا عدة مدارس في سبها رفقة وفد فني ينوي صيانة بعض هذه المدارس، يعني يرى احتياجاتها من ناحية الصيانة ويوفر لها حاجتها.
كانت الجولة ممتعة رفقة تلك الجداريات التي شاهدناها في أغلب فصول وممرات عدة مدارس، فهي رغم بساطتها وأخطائها الإملائية كانت ممتعة وعميقة المعاني، وفيها وجهة نظر تستحق أن تقف عندها وتراجعها وتتناقش حولها. لوهلة تحس أنها حكم أو أقوال مأثورة، تشعر أنها نتاج سنوات طويلة من معافسة الحياة ومكابدتها، لن تصدق بأن كاتبها طفل أو طالب صغير أو طالبة في مقتبل العمر، مالذي أكسبهم هذا القدر من الفلسفة البسيطة والعميقة في ذات الوقت؟ وكيف استطاعوا التعبير عنها بهذه البساطة وأحيانا التفاهة والعمق والمباشرة؟.
ونتساءل أساسا لم احتاجوا للكتابة على الحائط؟ مع أن وسائل التعبير صارت متاحة بشكل غير مسبوق، الفيسبوك الأنستجرام التويتر السناب شات الواتس آب وغيره الكثير من التطبيقات المتاحة والمتوفرة على مدار الساعة ولها قدرة انتشار أكبر.
لكن تذكرت أن متعة التخربيش على الحائط لاتضاهيها متعة نشر بوست مهما كان سيحصد من التفاعلات، على الجدار أنت تفرغ الكثير من مكنوناتك، على الجدار أنت تنتقم من الأبلة والأستاذ الذين يضربونك ، أنت تنتقم من المنظومة التعليمية جمعاء، وتتمرد على قوانينها الصارمة.
ستظل كتابتك أمام أعين الجميع طلبة ومدرسين وإداريين وموظفين، وستستمتع بتتبع ردات فعلهم الصادمة على كتابتك وهم لايعرفون أنك من كتبها، ومع الوقت ستستمتع بأن ماكتبته صار من ديكور المكان وتعوده الجميع، بالعكس قد يصبح قفشة أو لازمة يرددها أحدهم ليضحك معه الآخرين.
في آخر الزيارة طلبت من الوفد أن يدهنوا الفصول ويتركوها على حالها، وقلت لهم إن هذه العبارات والكتابات والجداريات قطع فنية يجب المحافظة عليها ودراستها، لا أن تدهن وتغيب وتذهب دون تمعن أو تفكر. هل ترون أنه من الضروري تزويق هذه الجدران؟