- روضة الفارسي
كان علي أن أحصي الموج
وأصغي لضوء الماء،
حين انبثقتُ كنت متيقظة
وبعد سنين آثرت النوم على مقاعد الأكوان،
ما أبصرت الرسائل،
وما أصغيت للشجرة تشرح الفهم في الفصل،
لم أفهم أن المفتاح خفي
وأني من عليه أن يحفر،
ملأ الدود حذائي فقلت لعلها الأرض تداعبني،
أنزلت السماء جمرا قلت لعلها مجرة شاءت أن تتثاءب،
وبعثت الشمس حصى فقلت لعل الشمس شاءت أن تلعب.
كنت أستدرج النوم وألقي باليقظة في بئر،
نبهتني الأمواج في عينيّ
والشجرة في شرفة قلبي
وشمعة ميلادي الأخير
وقلبي الذي يمخر عباب الزمن المتصاعد كالدخان،
وأعلنت الريح أجراسها معاتبة،
والنهر الآثم المعلق في الفضاء زمجر.
لم أفهم
كنت موقنة أن الزمن لا يخون أبناءه
وأني بنومي سأحقق الماء،
وجيء إليّ بجهنم
ودعوت النور أن يرفعني عن هذه الأرض المَحرقة.
استيقظتُ ريشة طليقة تسبح في بحر الضوء
وفي الألوان الحيّة البارقة،
و شعرت لأول مرة أنني احيا،
هناك فقط
أحسست الحب من كل البشر
هناك فقط أحسست رعشة العشق،
لذة الترحيب
لذة ذرات العطر مع أمواج الورد،
هناك فقط خلعت الشجرات لباسها لأفقه الجمال،
تأمل يا النور حالي
شفيت كل علاتي
إمّح مني كل الثقل،
ترنيمات ملائكة،
موسيقى غير الموسيقى
فقاقيع زاهية تحيط بي،
إني ضوء فريد أحلق،
شجرة ، غمامة طير،
قطرة أو فراشة، لعلّني
أسبح في أمواج أنوار ملونة،
وفُتحت ستارة حياتي
خمسون سنة في جزء من الثانية،
ثم رأيت جدتي الأولى تخيط أزرارا لنهر الأرض
وشاهدت خالتها تخيط من أعلاها جراح الثكالى
وتلقي فوق الأرض شعاعا،
وكانت جدتي من أمي تروي حكايات للسمكات العالقة
قلت ” هذا بيتي
فكيف كنت في علبة كبريت الأرض عالقة”؟
فجأة نزلت عليّ صاعقة
حين همست الشجرة لي حانية
“ألا انزلي أيتها الحبيبة فموعدك لم يأزف”