تصوير :: عبد المنعم الجهيمي
تحدث خمسة من شباب الجنوب الذين تم اختطافهم الايام السابقة بعد أسبوع من اختطافهم في منطقة الفقهاء، جنوب شرق واحات الجفرة، عن تفاصيل العملية التي جددت المواجهات الأمنية في الجنوب الليبي.
وعثرت سرية خالد بن الوليد على أربعة أحياء من بين الستة المخطوفين خلال الأسبوع الماضي، وآخر لا يزال مفقودًا، بينما جرى العثور على جثمان المختطف السادس قتيلاً.
وبدأت الأحداث عندما جرى خطف ستة مواطنين نهاية الأسبوع الماضي، في منطقة الفقهاء الواقعة شمال وادي الآجال وجنوب مدينة سوكنة، (جنوب شرق واحات الجفرة بحوالي 145 كلم)، وعقب تحديد مكان المختطفين الستة وقعت اشتباكات بين غرفة أم الأرانب العسكرية وقوات المعارضة التشادية.
عملية الاختطاف التي جرت فى الطريق الرابط بين الجفرة وبلدية البوانيس، لسيت الأولى التي يتم فيها اختطاف مواطنيين ليبيبن من أجل ابتزازهم للحصول على المال.
وكان المختطفون فى زيارة عائلية إلى منطقة الفقهاء، ولدى عودتهم إلى مدينة سبها اعترضتهم مجموعة مسلحة بمنطقة القناي، قرب طريق الجفرة وأجبروهم على التوقف والترجل من سياراتهم.
إبراهيم محمد أحد الشباب الناجين روى تفاصيل الواقعة، التي وقعت في منطقة القاني، وهى نقطة تجمع يتم الانطلاق منها إلى سبها، لافتًا إلى أنّه عقب التجمع فوجئوا بعناصر تشادية تحاصرهم.
وتابع أن بعض الشباب حاول الهروب بالسيارة، لكن المسلحين طاردوهم فاستسلم بسبب وجود أسرتهم معهم، وأنّ آخر يدعى «إسماعيل» تحرك بسرعة بسيارته لكنّها انقلبت بجانب الطريق.
وأضاف إبراهيم أنه هرب أول الأمر إلى الجبل رغم إطلاق المسلحين النار تجاهه، لكنّ بعض المسلحين توجهوا إلى الجبل وفوجئ بهم أمامهم، ما دفعه للاستسلام.
وتابع: «جمعونا وتم تقييد أيادينا وعصبت أعيينا واتجهوا بنا عبر طريق بري صحراوي، بعد ساعة تعطلت إحدى سيارات الخاطفين، لكن تم إصلاحها وواصلوا بنا المسير».
وأردف: «تمكنت من رؤية الطريق، بسبب أن تعصيم عيني لم يكن جيدا وعبر شاش أبيض، فرأيت بعض الأشياء، وعرفت أننا قرب منطقة زويلة، وبعدها قاموا بالتمويه فى الطريق مرة يتجهون شمالاً أو شرقا عن منطقة زويلة».
وأوضح أن المسلحين ساروا بهم على طريق معبد لوقت طويل تم عرجوا على اليمين إلى طريق ترابي لمسافة 5 كليومتر، قبل أن يتوقف السير وإنزالهم من السيارات، والحصول على هواتفهم النقالة وبدء فحصها، والاعتداء على من يجدون على هاتفه صورة لعسكري.
وتابع: «جدوا صورة ليّ بجنب سيارة جيب قديمة فى جبال الهاروج، وقام بضربي وقال أنت عسكري، فقلت: لا، أنا مدني والسيارة قديمة وكنت فى رحلة إلى جبال الهاروج».
وأوضح أنهم وصلوا بعد ذلك إلى أحد الوديان في الجبل، وتم وضعهم أسفل الوادي مقيدين، بحيث إذا حالوا التحرك يتم رصدهم بينما بقي المسلحون فى أعلى الوادي، متابعًا: «وفي نهاية اليوم الأول قاموا بدبح خروف وأعطونا الطعام، وبتنا تلك الليلة فى هذا المكان وغطونا بغطاء واحد يسمونه القيطون».
وفي اليوم الثاني، وفق إبراهيم، بدأ المسلحون استجواب المجموعة، تمثلت في طبيعة العمل واسم القبيلة والمال الذي نملكه، لافتًا إلى أن تركيزهم الكبير كان على القبيلة من خلال تكرار الأسئلة،
وأضاف الناجي أنهم بقوا ليومين تحت التعديب والضرب، قبل أن يقرروا الاتصال وتنسيق بشخص من أقاربي يدعى حمد ساسي من أجل طلب الفدية، بعد يوم تمت إعادة الاتصال وأبلغوهم بتجميع مائة وخمسة آلاف دينار فقط، فعضب الخاطفون، باعتبار أن تلك لم تلك القيمة التي طلبوها، لكنهم عندما شعروا بعدم وجود أية بوادر لدفع المال، وشعورهم بأنّ ثمة أمور يتم تدبيرها فقاموا بترحيلهم إلى مكان آخر.
وتابع أن الشباب سمع بعد نقلهم إلى المكان الجديد أصوات رماية قوية، واشتباكات على فترات متقاطعة وصلت إلى أسلحة مختلفة رشاشات وقذائف، ما أدى لإصابة شخص منهم وجرى إسعافه.
وأردف بأنّ الخاطفين استعدوا للخروج من الوادي بعدما شعروا بحصار عليهم، متابعًا: «في الأثناء سأل أحدهم ماذا نفعل بهولاء فأشار أحدهم بيده اتركوهم هنا، فقيدونا من الأرجل والأيادي ورحلوا، وبعدها تمت الرماية علينا برصاصتين فقط واحدة أصابت زميلنا إسماعيل فى قدمه، ومكثنا تلك الليلة فى حاشية الوادي، رغم أنّ قوة سرية خالد بن الوليد كانت قريب لكنّها انسحبت معتقدين أنّ الخاطفين نقلونا معهم».
واصل ناجي آخر يدعى إسماعيل مفتاح ساسي، تفاصيل القصة قائلاً: «بعد أن غادروا المكان، لم يظهر أحد علينا، والوضع كان متعبًا جدًا من شدة العطش، فلا ماء ولا أكل، وقمنا بشرب البول».
وتابع: «اتفقنا فى آخر ليلة أن نمتد في الصباح بأجسادنا للشرق ونترك مصيرنا إلى الله، وفى ذلك اليوم لاحظنا أنّ أحدًا يقترب من المكان، ولدى تلك اللحظة لم نفكر أنه عدو أو صديق، المهم منْ ينقدنا من الموت بماء».
وأردف: «اقتربوا منا وقالوا من أنتم، قلنا لهم نحن مخطوفين، ولا نعرف ما مصيرنا، وفى أي مكان نحن، فرد أحدهم: أنتم الزيادين المخطوفين، فقلت نعم فرد قائلاً: نحن نبحث عنكم، وأنقدونا من موت محقق».
وأشار إلى أن المجموعة كانت قبيلة التبو، تابعين لكتيبة سرية خالد بن الوليد بمنطقة أم الأرانب، لافتًا إلى أنهم لقوا معاملة جيدة للغاية عقب العثور عليهم.